[بحث حول القدرة ومتعلقاتها]
  بعض أفعاله التي تقضت ومضت»، ولو رام غير ذلك لما صح السؤال؛ لأنه إن كان لا يفعل فعلاً فما وجه الاحتجاج بأن فعل العبد فعل الله، كيف يفعل السؤال فضلاً عن شيء يوجبه الاستدلال.
  وأما أن إعادة الشيء أسهل من ابتدائه لأن ابتداءه يحتاج إلى إحداثه على غير مثال سبق، ولا صورة تقدمت - فقول باطل، لأن معنى الابتداء هو إحداث الشيء على غير مثال، فإذا قال: إن المبتدأ يحتاج إلى إحداثه على غير مثال؛ فهو قول بأن الشيء يحتاج إلى نفسه، ويحتاج إلى حدوثه في حدوثه، وكون الشيء محتاجاً إلى نفسه، أو الصفة إلى نفسها محال لا يقول به عاقل؛ فليراجع المسطور.
  وأما تمثيله بالآيتين وفي الأخرى: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ٧٨ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ٧٩}[يس]، فأخبر أنه كما قدر على الابتداء فإنه يقدر على الإعادة.
  فالجواب: أن مجرد الإحداث لا يثبت القدرة على الإعادة بل لا بد من شروط:
  أحدها: أن يكون الفعل مما يبقى؛ لأنه لو أعيد ما لا يبقى لانقلب باقياً؛ لأن إيجاده بعد العدم لا يمنع من استمرار وجوده؛ لأن صفة الوجود لا تمنع من نفسها، فلو جاز وجوده في وقتين بينهما عدم، لجاز وجوده في وقتين لا عدم بينهما؛ فينقلب باقياً، وحقيقة الباقي ما وجد في وقتين فأكثر، وفي ذلك قلب الجنس، ولو جاز ذلك لجاز انقلاب السواد بياضاً.
  ولأنه يؤدي إلى أن لا يفهم كلام متكلم؛ لأنا متى سمعنا الحرف الثاني مع بقاء الأول لم يفهم، فلهذا قلنا: يجب أن يكون ما يصح عليه الإعادة من قبيل الباقيات.
  والثاني: أن يكون من مقدور القديم سبحانه؛ لأن القدرة لا بد لها في كل وقت من مقدور مبتدأ؛ فلو تعلقت بالمعاد لتعدت في التعلق بالمقدور الواحد من