كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول القدرة ومتعلقاتها]

صفحة 542 - الجزء 2

  الجنس الواحد والوقت الواحد في المحل الواحد، ولو تعدت ولا حاصر لأدى ذلك إلى ممانعة القديم، وإلى زوال تفاضل القادرين، وإلى أن من قدر على تحريك ريشة أن يحرك الجبل العظيم⁣(⁣١).

  الثالث: أن يكون المعاد غير مسبب؛ لأن المسبب لو أعيد مبتدأ لكان له


(١) قال ¦ في التعليق: قوله: «لأن القدرة ... إلخ» أي القدرة بالفاعل وهي المحدثة للعبد. تمت.

لعلَّ الوجه في اللوازم والله أعلم أن قدرة العبد قد ثبت أنها تتعلق في كل وقت بمقدور متعين محصور؛ لأنها ليست لذات القادر، بل بالفاعل، ولذا تزيد وتنقص بحسب إرادة الفاعل، فلا بد لها من مقدور مبتدأ وإلاَّ كشف عن عدمها، فلو تعلقت مع ذلك بمعاد، كانت قد جاوزت مقدورها المحصور، وصارت كالقدرة بالذات، فلا اختصاص لشيءٍ من غير المحصور بها من دون الآخر.

وصارت متعلقة بكل نوع من جنس ما تعلقت به كالحركة مثلاً فيؤدي إلى ممانعة القديم؛ وذلك لو أراد القديم تسكين الجسم، مع كون قدرة العبد قد تعلقت بتحريكه، أدى إلى التمانع، وهو محال؛ لأنه إمَّا أن يحصل مرادهما فيجتمع النقيضان.

وإمَّا أن لا يحصل فيرتفع النقيضان.

وإمَّا أن يحصل أحدهما دون الآخر، فتبقى القدرة بغير تعلق بمقدور وفي ذلك قلب حقيقتها والكل محال، وكذا لو أراد القديم تحريك الجسم، مع ثبوت تعلق قدرة العبد بذلك التحريك لِفَرْضِ تعديها امتنع من القديم حصول مراده؛ إذ لا تتعلق قدرته بعين ما تعلقت به قدرة العبد؛ لأن مقدوراً بين قادرين محال لما تقدم من أنه إمَّا أن يحصل مرادهما ... إلخ ويؤدي إلى مساواة القادر لمن هو أقوى منه، إذ لا تتعلق قدرة الأقوى بشيءٍ إلاَّ وقد تعلقت به قدرة من هو دونه؛ لأن قدرة هذا قد جاوزت الحصر بتعلقها بالمعاد، فلا تختص بشيءٍ مما زاد على محصورها المبتدأ، فتتعلق بما تتعلق به قدرة الأقوى، ولزم عدم تفاضل القادرين، والمعلوم خلافه.

وإذا كان مقدوره المحصور مثلاً تحريك خردلة أو نحوها، فبمجاوزة القدرة للمحصور لا اختصاص لها بتحريك ثقيل من أثقل منه؛ فيؤدي إلى جواز تحريك الجبل فما فوقه، والضرورة بخلافه، هذا في المقدور بلا سبب.

وما كان بسبب فكما بيَّنه الإمام #، وهذا ما سنح للقاصر على دقة وغموض لكن {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} ... إلخ [الطلاق: ٧].