[بحث حول القدرة ومتعلقاتها]
  بالحدوث وجهان(١)، ولو أعيد لسببه، فلا بد للسبب من مسبب مبتدأ كما قلنا في القدرة ليستدل بها عليه، وإن كان سببه لا يبقى فأبعد؛ لما قدمنا في إعادة المقدور الذي لا يبقى، وقد نبه الله سبحانه على هذه الجملة في الآية فقال: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}[يس: ٧٩]، نبه على أنه الذي أحدثها وهي من الباقيات، وهو تعالى قادر لذاته، وهي مبتدأة غير مسببة فهذا هو الوجه في صحة إعادتها من جهة العلم لا ما زعمه الفقيه من أنها فعله تعالى فقط كما قدمنا، وهذه مسألة إن اطلع عليها من يعرف موقعها وبركة الاحتجاج بها على منكري الصانع تعالى وعلى معتقدي عبادة الأصنام وعلى منكري البعث والإعادة حمد الله تعالى على ما وفقه له، ونسأل الله تعالى التوفيق لما يرضيه.
  وأما قوله: «فلما وجدنا العبد وكل حيوان لو جهد جهده على أن يعيد الحركة لم يقدر على ذلك».
  فالجواب: أنه كما ذكر الفقيه أنه لا يصح إعادة مقدور العبد لكن ليس كما قال، بل لأن ذلك يؤدي إلى تعدي القدرة مع اتحاد الجنس والوقت والمحل،
(١) قال ¦ في التعليق: وذلك لا يصح، لأنه لو كان يصح حدوثه بالقدرة ابتداء لجاز عدمه، وكذا لو صح حدوثه مع السبب لجاز عدم حدوثه معه، فيصح كونه معدوماً، من وجه موجوداً من وجه من كلا الطرفين، فيتزايد وجوده ويتضاعف عدمه في حالة واحدة، و يتضاعف التناقص مع أن الوجود والعدم ممَّا لا يقبل الزيادة، والكل محال. تمت.
قوله: (فيصح كونه معدوما ... إلخ).
[قال |]: يقال: هذا لا يرد في الإعادة إذ المعاد يكون له حدوثان: حدوث ابتداء بالسبب، وحدوثُ إعادةِ ابتداءٍ، ولا مانع من وجهين للحدوث على جهة البدل. تمت.
قوله: (لأن المسبب لو أعيد مبتدأ ... إلخ).
قال |: وذلك لأن الحدوث صفة لا تتزايد، فما ثبت حدوثه ابتداء بلا سبب، وتعلقت القدرة به، يمتنع أن تتعلق القدرة بحدوثه بالسبب؛ لأنه في حكم إحداث المحدث، وكذا في العكس؛ لأنه لو قدر عليه ابتداء مع قدرته عليه بالسبب صار كإيجاد الموجود، وهذا مع فرض الحدوث.
وأمَّا باعتبار أنه مقدور فكونه مقدوراً مع السبب مع كونه مقدور ابتداء يصير كمقدور بين قادرين. تمت.