[الكلام في مسألة الإرادة]
  فيلزم ما قدمنا من بطلان تفاضل القادرين، ومن صحة نقل الجبال لمن قدر على تحريك خردلة أو ريشة أو غير ذلك، ولهذا لو قيل للفقيه: لم لا يقدر العبد على إعادة فعله؟ حمحم وأحجم وعمعم ولم يتلعثم أن يكفر السائل فيعود منه بغير طائل(١). والجواب فيما قدمنا، وهي تحفةٌ لمن قبلها.
  وأما قوله: «والذي يبين ذلك أن الباري سبحانه لما كان قادراً على الابتداء قدر على الإعادة».
  فالجواب: ما قدمنا من أنه تعالى يقدر على الإعادة لا بقدرته على الابتداء فقط بل لما ينضاف إليه من الأمور المتقدمة، وذلك مستحيل في مقدور العباد فلم يصح عليها الإعادة.
  وقد جرى في حديث الفقيه أن من قال بأن أفعال العباد حادثة منهم فقد خالف السنة والسلف الصالح، وقد قدمنا ما روي عن صاحب السنة ÷ وعن جماعة من كبار الصحابة، ووعدنا حكاية زائدة على ذلك، ورأينا أنه يتسع ويتشعب فأفردنا فصلاً لذكر القائلين بالعدل والتوحيد من أهل البيت $ وعلماء الإسلام لئلا يبعد العهد عما نحن بصدده من المسائل وقد تقدم ذلك في أول كتابنا هذا.
[الكلام في مسألة الإرادة]
  وأما حكايته عن صاحب الرسالة بقوله: «قال القدري: وأما المسألة الثانية، وهي مسألة الإرادة فاعلم أن مذهب الأئمة $ ومن طابقهم من علماء الإسلام أن الله تعالى يريد جميع أفعاله الواقعة على الوجوه التي تؤثر فيها الإرادة، ويريد من أفعال عباده الطاعات التي أمرهم بها ما وقع منها وما لم يقع.
(١) قال ¦ في التعليق: قد مر له أنه لم يقدر على الإعادة، لأنه لا يقدر على الابتداء، ولكنه دور، وقد نقضه قوله: فعلاً من أفعاله، تأمل، والله أعلم.
وأيضاً فإنه لا يتصور في العقل إعادة نحو الحركة المقدور للباري تعالى، وهو مقدور له ابتداء، فلو كان الوجه في القدرة على الإعادة هو القدرة على الابتداء لأمكن من الباري إعادة الحركة ونحوها، فإن التزمه الفقيه فتبخيت ومخالفة لقضية العقل وهذا واضح، والحمد لله سبحانه. تمت.