كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في مسألة الإرادة]

صفحة 546 - الجزء 2

  يقع عليه ذلك الاسم كقول القائل: ما في الدار أحد، وكذلك قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}⁣[البقرة]، وقوله سبحانه: {وَلَا يَرضا لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر: ٧]، وهما من أسماء⁣(⁣١) الأجناس وقد دخلت عليهما لام التعريف فوجب استغراق ما يقعان عليه إلا أن يكون هنالك معهود يجب صرف الخطاب إليه⁣(⁣٢).

  وكذلك فإنه تعالى لما عد أنواع المعاصي بلفظ النهي قال سبحانه في آخرها: {كُلُّ


(١) لا يقال: أداة العموم هنا في حيز النفي فيفيد سلب العموم؛ لأنه يقال أما أولاً فهذه القاعدة ليست بكلية كما ذكروا في: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ٣٨}⁣[الحج]، مما يعلم قطعاً أن المراد عموم السلب لا سلب العموم.

وأما ثانياً: فلكون العلة تقتضي العموم، وأما ثالثاً: فالقاعدة المذكورة فيها نزاع طويل، وقد خالف فيها سيبويه والشلوبين وابن مالك، وقالوا في قول أبي النجم: قد أصبحت أم الخيار تدعي علي ذنباً كله لم أصنع، فلا فرق بين نصب كل ورفعه، قال سيبويه: رفع كل قبيح مثله في غير الشعر إذ النصب لا يكسر النظم ولا يخل المعنى، ووجه قبحه عنده أن فيه تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه مع أنه إن نصب أفاد سلب العموم وإن رفع أفاد عموم السلب وذلك واضح والحمد لله. تمت إملاء الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.

(٢) قوله: (وقد أكد سبحانه هذه الجملة بقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر]، إلى قوله: - فمن حقها تَعُمُّ إلى قوله: - وكذلك قوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}⁣[البقرة]، وقوله سبحانه: {وَلَا يَرضا لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر: ٧]، وهما من أسماء الأجناس وقد دخلت عليهما لام التعريف فوجب استغراق ما يقعان عليه ... إلخ).

قال ¦ في التعليق: ينظر، فإنه لولا دليل آخر من العقل ومن السمع، مثل: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا}، ونحوها لكان الأصل في {لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}، وفي {وَلَا يَرضا لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} أن يكونا للخصوص، لأن العموم فيهما مدخول للنفي، وهو يفيد سلب العموم لا عموم السلب كما قرر في مظانه. تمت، والله أعلم.

وقد ذكروا أن كون العموم المدخول للنفي يفيد الخصوص إنما هي قاعدة⁣[⁣١] أغلبية، وإلاَّ فقد يفيد العموم نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ٣٨}⁣[الحج]، فكذا في: {لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}، {وَلَا يَرضا لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} يستفاد العموم من إيقاع الحكم على الوصف؛ فإن الفساد والكفر هما العلَّة في كونه تعالى لا يحب ولا يرضا، فيكون من عموم العلَّة، مع ما قضى به العقل من أن إرادة القبيح قبيحة، وهو تعالى غني عالم فلا يريد ذلك، والرضا والمحبَّة في معنى الإرادة؛ إذ لا يصح أن يقال: رضي أمراً وأحبَّه ولم يرده، والعكس، تمت.

[١] وأيضاً في هذه القاعدة نزاع كبير، وممن خالف فيها سيبويه والشلوبين، وقد استوفيت الكلام على ذلك في البحث من أواخر (التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية) نفع الله بها، والله ولي التوفيق. تمت منقولة من خطّ الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.