كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حسن التكليف ووجهه والرد على شبه الفقيه]

صفحة 573 - الجزء 2

  وكذلك استحقاق العقاب فلم يكن لتفويت النفع الذي وعد به في المثال، وإنما كان عذاب أهل النار لتركهم ما وجب عليهم مما أمر به الحكيم سبحانه من أداء الواجبات التي تلزم المكلف لأجل نعم الله عليه وامتثال أمر الحكيم فيما أمر، ولأجل فعله للمقبحات التي نهاه الحكيم تعالى عن فعلها لما في كثير منها من المفسدة في الدين فلا يشبه هذا ما أورده من المثال عند من تدبر ولم يكابر عقله.

  وأما تفضله ø على الأطفال والمجانين بمنافع الجنة فما وصل إليهم فإنه لا على وجه التعظيم؛ لأن تعظيم من لا يستحق التعظيم قبيح، ولا يبلغ مبلغ الثواب في القدر أيضاً.

  وأما قوله: «مثال آخر: ما تقولون فيمن عمد منا إلى أب أطفال محتاجين فقتله؛ أليس ذلك قبيحاً في حقنا؟ وكم يقتل الله سبحانه من أبي أطفال، ثم موسى # أنكر على صاحبه خرق السفينة بحق ما هو محجور عليه بحجر الشرع، وكم من سفينة يخرق الله تعالى، وكم من نفس لم تحتقب ذنباً يحرقها ويغرقها، وكم من جذم وبرص وغيرهما من أنواع الآلام يحدثه في أبدان الأطفال، وخلق السم والضراوة في بعض الحيوانات وأمر بقتلها لأجل ما خلق فيها.

  فإن قيل: إنما حسن إيلام بعض الحيوان البري عن الجناية لأن الله سبحانه يعوضه عن ذلك في دار الثواب.

  قلنا: هذا ضعيف على أصل القائلين بالعوض؛ لأن الواحد منا لو طلب عبده شربة ماء مع شدة عطشه؛ فقال: لا أعطيك هذه الشربة حتى أقطع يديك ورجليك لكان ذلك ظلماً وقبيحاً، كذلك البهيمة والطفل يقبح ألمهما لأجل العوض».

  فالجواب: أن ما ذكره ممن يقتل أبا أطفال مخالف إماتة الله تعالى؛ لأن الخلق