[حسن التكليف ووجهه والرد على شبه الفقيه]
  والتبقية تفضل من الله تعالى على عباده، وللمتفضل أن يديم التفضل، وله أن ينقص منه، وله أن يقطعه، وبهذا ينفصل التفضل عن المستحق؛ فلا اعتراض فيما ليس بواجب.
  بخلاف قتل الغير له فإنه ليس بمتفضل عليه بالإحياء، ولا له عليه حق في قتله فيكون ظالماً فلا يشبه أحد الأمرين الآخر.
  وأيضاً فإن الله كلف عباده فعل الطاعات ووعد عليها بالجنة، وترك المعاصي وأوعد على فعلها بالنار فلا بد من انقطاع التكليف بالموت والفناء؛ إذ لو اتصل التكليف والجزاء لكان المكلف ملجأ إلى فعل الطاعة لما يتعقبها من الثواب، وملجأ إلى ترك المعصية خشية مما يتعقبها من العقاب؛ فالإلجاء ينافي التكليف؛ لأن التكليف لا بد في شرطه من تردد الدواعي إلى الفعل والترك ليقع التكليف موقعه، ويفعل الواجب لوجوبه لا للنفع الذي يحصل به، ويترك القبيح لقبحه لا لخشية المضرة بسببه، وإن كان لا بد من وصول الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية الكبيرة.
  وأما السفينة فقد علمت أن الله كشف حسن الفعل بحكمته وما بين تعالى على لسان عبد الصالح لكليمه @ بما أوضح له معانيها لهم في الدنيا؛ فكيف لا يحسن خرقها لمنافع تتعلق بدار الآخرة؟!
  وسواءٌ في ذلك دفع ضرر أو جلب نفع، ودفع الضرر أعظم في باب المصلحة مع ذلك، فقد اقترن بذلك ما لا يحصل إلا بحصول الضرر، وهو الاعتبار، وقد قدمنا أن الله تعالى يفعل لعباده ما يكون فيه صلاح أديانهم، ولو كان فيه فساد أموالهم وأبدانهم، وإن كان ما وقع من البلاء بكافر وشبهه جاز أن يكون عقوبة وله في الآخرة أضعاف ذلك.
  وكذلك الكلام في سائر الآلام والأمراض لا بد فيها من غرض وهو الموعظة واللطف والاعتبار للممتحن أو غيره ولا بد من عوض يستحقه الأليم يستحقر