كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الداعي الذي دعا الله إلى فعل أفعاله]

صفحة 580 - الجزء 2

  يفعل الحسن لحسنه».

  فالجواب: أن بين الموضعين فرقاً وهو أن الحكيم لا يفعل القبيح بل العاقل منا متى علم قبحه وكان عالماً بأنه غني عنه، بدليل أنه لو لم يكن عالماً بقبحه أو غناه عنه أو كان محتاجاً إليه فإنه كان يمكنه أن يفعله، ومتى تكاملت هذه الأمور لم يفعله وليس كذلك الحسن؛ فإن الواحد منا يعلم حسن الهبة والصدقة، ويعلم حسن هبة درهمين، وقد لا يهب ولا يتصدق أو يهب درهماً دون غيره، ونكتة الفرق: أن القبيح يترك لقبحه مع تكامل الشروط، والحسن قد يفعل لحسنه، وقد يفعل لوجه زائد على الحسن من كونه واجباً أو مندوباً.

[الداعي الذي دعا الله إلى فعل أفعاله]

  وأما قوله: «فدل على أن الحسن بخلافه، وأن له داعياً إلى فعله فأخبرنا ما ذلك الداعي الذي دعاه إلى خلق الأشياء الحسنة عندك؟ بل إلى خلق السماوات والأرض وما فيهما من الخلق ولن تجد ذلك».

  فالجواب: أن قولنا: لم يفعل القبيح لقبحه ليس فيه أنه يفعل الحسن لا محالة لحسنه، وإن كنا نقطع على أنه لا يفعل القبيح لقبحه هذا في الباري سبحانه.

  وأما في غيره فقد يترك القبيح لقبحه، وقد يتركه لأنه يستضر بفعله عاجلاً، أو يخاف لوم غيره وما شاكله.

  وأما قوله: «ما ذلك الداعي الذي فعل تعالى لأجله أفعاله؟».

  فالجواب: أنه داعي الحكمة، وهو علمه بحسنه وانتفاع الغير به، أو يتمكن من الانتفاع به، ولكن داعي الحكمة ليس بموجب، وداعي الحاجة قد يكون موجباً إذا بلغ حداً لا يقابله صارف.

  ثم قال [الفقيه]: «وأما قوله [أي القرشي]: وقد أكد الله تعالى هذه الجملة بقوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر]، ... إلى آخر كلامه - فنقول وبالله التوفيق والعصمة: أما قوله [القرشي]: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر]، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا