كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الداعي الذي دعا الله إلى فعل أفعاله]

صفحة 581 - الجزء 2

  لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}⁣[آل عمران] - معناه: لا يريد ظلمهم جزاء أعمالهم التي عملوها له في دار الدنيا؛ لأنه قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}⁣[الأنعام: ١٦٠]، و {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا}⁣[النمل: ٨٩]، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧}⁣[الزلزلة]، ولم يرد أن لا يظلم بعضهم بعضاً في دار الدنيا؛ لأنه قال تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر]، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}⁣[آل عمران]، معناه: فلو أراد ذلك لكان⁣(⁣١)، ألا ترى أنه ø يقول: {وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ٢٥٣}⁣[البقرة]، من قتل الكافرين المؤمنين، ومثل ذلك في القرآن كثير، وقد عمت جميع ما وقع عليه الاسم من عمل الله تعالى من كثير ويسير».

  فالجواب: أما قوله تعالى لا يريد ظلمهم جزاء أعمالهم التي عملوها في دار الدنيا لأنه تعالى قال: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}⁣[الأنعام: ١٦٠].

  فالجواب: أنه أقر هاهنا بأن للعبد عملاً، وأنه حسنة، وأن له عشر أمثالها؛ فهذا يبطل مذهب المجبرة القدرية أن الله تعالى خالق أفعال العباد الغي منها والرشاد، ويبطل مذهب من قال إنه لا يجب إثابة المطيع.

  وأما الفقيه فيلزمه أيضاً أن يعاقب الله تعالى العاصي بآخر الآيات التي اقتطعها


(١) قوله: (وأمَّا قوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر]، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}⁣[آل عمران]، معناه لا يريد ظلمهم جزاء أعمالهم إلى قوله: - ولم يرد أن لا يظلم بعضهم بعضاً في دار الدنيا؛ لأنه قال: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر]، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}⁣[آل عمران]، فلو أراد ذلك لكان ... إلخ).

قال - ختم الله له بالحسنى -: من أصل الفقيه أنه لا يتصور ظلم في حق الله؛ لأنه غير مربوب ولا منهي، وهنا قد فسّر: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا} ... إلخ، بأن المراد نقص الجزاء، ثم قال: ولو أراده لكان ... إلخ، فصرّح بأنه مقدور له أي النقص مع كونه ظلماً، وهذا ينقض أصله كما لا يخفى، فتأمّل. تمت.