[مقدمة الإمام (ع)]
  
  مناقشة الإمام # لفقيه الخارقة حول أفعال العباد وإبطال شبهاته
[مقدمة الإمام (ع)]
  الحمد لله المحمود لنعمته، المعبود لقدرته، المتعالي لسلطانه، المبين لبرهانه، الحق لحقائق أدلّته، المهيمن لسعة علمه، الجبّار لجلاله، القهار لمحَالِه(١)، الذي لا يشغله شأن عن شأن، ولا يحويه مكان عن مكان، الحكيم في أفعاله، الصادق في أقواله؛ وصلى الله على الصادق المصدوق، وعلى الطيبين من آله.
  أما بعد؛ فإن العاقل من نظر بعين الإنصاف، وتنكّب سبيل الخلاف، ونظر بعين البصيرة، وانقاد لحكم الضرورة.
[بحث حول مشيئة الإجبار]
  وأما استدلاله [أي فقيه الخارقة] على إرادة الواقع من العباد بقوله تعالى: {وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ٢٥٣}[البقرة]، من قتل الكافرين للمؤمنين.
  فالجواب: أن قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا}[البقرة: ٢٥٣]، المراد به مشيئة الإجبار؛ لأنه تعالى لو أجبرهم ومنعهم بالحوائل لبطل التكليف، ولكن الله يفعل ما يريد من سائر أفعاله، التي لا تنقض غرضه بالتكليف.
  يبين هذا: أنه تعالى لما حكى اختلافهم بقوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ}، أنه أضاف الفعلين إليهم، وقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا}، فأضاف المقاتلة إليهم، فكيف يقال: إنه تعالى خلق هذه الأفعال، وخلق هذه القدرة الموجبة لها، والإرادة الموجبة، ومنعهم جميعاً من خلاف الواقع؟ فكيف يصح مع هذا إضافة الاختلاف إليهم؟
(١) المحال ككتاب: الكيد والتدبير والمكر والقدرة والقوة والشدة والإهلاك، ومحل به مثلثة الحاء محلاً ومحالاً: كاده بسعاية إلى السلطان. انتهى من القاموس باختصار إملاء الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #.