كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تفسير الفقيه: لا يحب الفساد، لا يرضى لعباده الكفر وغيرهما والرد عليه]

صفحة 7 - الجزء 3

  وأما قوله: «ولا يحبه من أهل الصلاح»، فهو تحكم من الفقيه على كتاب الله تعالى، نفى محبته من دون اشتراط حصوله من صالح أو عاص، وبناه على أن الصالح لا يقع منه الفساد، وقد بينا بطلانه، ولعله حاط بذلك أصله في مسألة الرضا على من سخط الله عليه إن لم يتب، صحابياً كان أو غيره، وبناه على أصله أنه تعالى لا يحب إلا الواقع، وهو غير صحيح، بل الله تعالى يريد الطاعة ويحبها، وقعت أو لم تقع، ولا يعتبر أيضاً بحال فاعليها، كما تقدّم القول فيه؛ لأن هذه الأحكام ترجع إلى الأفعال أنفسها.

  وكيف يتصور صلاح هذا الفعل، وفساد هذا، إذا كان الكل فعل الله تعالى، لولا عمى البصيرة، ومكابرة الضرورة.

  ثم قال: «وكذا قوله: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر: ٧]، أي لا يرضاه ديناً لهم، ولا شريعة ولا متقرباً به إليه، ولا يرضاه للمؤمنين من عباده دون الكافرين».

  والجواب: مثل ما قدمنا في المحبة، أنه تحكم على كتاب الله تعالى، واشتراط بغير دلالة، وبناء منه على أن الصالح لا يقع منه الكفر، وبناء على أن الرضا لا يقع إلا على الواقع، وقد يقع على الواقع وعلى غيره؛ لأنه ذكر الرضا بلفظ الاستقبال أو الحال.

  ثم قال: «وقال⁣(⁣١): وهما⁣(⁣٢) من أسماء الأجناس، وقد دخلت عليهما لام التعريف، فوجب استغراق ما يقعان عليه⁣(⁣٣). فنقول: المعنى كذلك كما ذكرنا».


(١) قوله: (ثم قال) أي صاحب الخارقة. و (قال) أي صاحب الرادعة الشيخ محيي الدين ¥. وقوله: (فنقول المعنى ... إلخ) من فقيه الخارقة، والجواب من الإمام. تأمل.

(٢) الضمير عائد إلى الفساد والكفر المذكورين في الآيتين السابقتين.

(٣) قال ¦ في التعليق: يقال: العموم المستفاد من لام الجنس مدخولٌ للنفي، وهو لا يفيد العموم على الغالب كما تقرر في مظانه.