[تفسير الفقيه: لا يحب الفساد، لا يرضى لعباده الكفر وغيرهما والرد عليه]
  والجواب: أن الذي ذكره هو التخصيص بغير دليل فلا يجوز؛ لأنه خروج عن العموم بغير حجة(١).
  ثم قال: «وأما قوله: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ٣٨}[الإسراء]، وإذا كان كارهاً لها، لم يجز أن يكون مريداً لها، لتنافي ذلك وتضاده.
  ثم قال: فمعنى الآية أنها مكروهة في دينه وشريعته، وفيما يتقرب به إليه، على ما ذكرنا».
  والجواب: إن عنى بما ذكرنا التخصيص بغير حجة بطل، على أن قوله: «إنها مكروهة في دينه وشريعته، وفيما يتقرب به إليه» يبطل مذهبه في إرادتها إذا وقعت ممن هو من أهل شريعته، وأما أن يتقرب بها إليه فليس لهذا التأويل قائل، فهو جسارة على تفسير مخالف للمفسرين، ومخالف لأدلة المعقول ومحكم الكتاب؛ لحياطة مذهبه الفاسد.
  ويلزمه أن يتقرب بها إليه؛ لأنه يتقرب إليه بفعل ما يريده، فإذا أراد المعاصي
(١) قوله: (لأنه خروج عن العموم بغير حجة) لا يقال: النفي داخل على صيغة العموم فيكون من سلب العموم لا عموم السلب[١]؛ لأنه يقال هذه القاعدة فيها نزاع طويل، وقد قال سيبويه والشلوبين وابن مالك: لا فرق بين نصب كل ورفعه في قوله[٢]: (كله لم أصنع) وهو بناء على عدم اعتبارها، وقد انتقضت هذه القاعدة في مواضع كثيرة نحو قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ٢٣}[الحديد]، فلذلك حكم القائلون باعتبارها بأنها أغلبية لا كلية، والله ولي التوفيق. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
[١] للفرق بين عموم السلب وسلب العموم قول الشاعر:
عموم السلب أن تأتي بكل ... مصدرة ويأتي النفي بعده
وسلبك للعموم مجيء كل ... بعيد النفي فاحذر أن ترده
[٢] أي قول الشاعر: يسيشي
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... عليَّ ذنباً كله لم أصنع