[بحث حول القدرة]
  كانت قربة من جميع الفاعلين، وبماذا يتميز المطيع من العاصي إن كان فعال الجميع مراده تعالى.
[الرد على قول المجبرة: إن الله يأمر بما لا يريد]
  وأما قوله: «وقد استدللنا على أنه ø يأمر بما لا يريد، وليس في ذلك تضاد».
  فالجواب: أن قوله هذا باطل، وقد بينا أنه يكون مناقضاً، حيث قلنا: إن الآمر لا يكون آمراً إلا بالإرادة، فيكون الآمر مريداً، وبهذا ينفصل بعض صيغ إفعل عن سائر ما يحتمله، من التهديد، والندب، والإباحة، على ما مثلنا ذلك فيما سبق.
[بحث حول القدرة]
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: فقد ظهر الجواب عن قوله [أي الفقيه في الرسالة الأولى]: إن هذه الفرقة تعتقد أن إبليس يقدر على ما لا يقدر عليه الله، لما(١) ثبت أن إبليس قادر على أفعاله، الحسن منها والقبيح كما قدمنا، فاستحال حينئذ أن تكون أفعاله مقدورة لله تعالى، أو لغيره من القادرين؛ لأن مقدوراً واحداً لا يصح من قادرين وأكثر.
  والدليل على ذلك: أنه كان لا يمتنع اختلاف دواعيهما، فيريد أحدهما وجود الفعل فيوجد، ولا يريده الآخر فيبقى على العدم، فيكون الفعل الواحد موجوداً معدوماً، وذلك محال.
  ثم قال [أي الفقيه]: واعلم أن قوله هذا تمويه وتزويق، وعدول عن قصد الطريق، ولم يستدل على خلق الأفعال بشيء يلزمنا الجواب عنه إنما استدل على المجبرة، ولا استدل أيضاً على أن إبليس ولا غيره قادر على خلق أفعاله، وإنما يتكلم فيما لا يعلم».
  فالجواب: أنه عند الإلزام الذي لا محيص له عنه يقول: هذا لا يلزمنا وإنما
(١) من كلمة (لما) يبدأ كلام الشيخ محيي الدين ¥، وحتى كلمة (محال).