كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عدم جواز إخلاف الوعيد]

صفحة 81 - الجزء 3

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولا حاجة بنا إلى ذكر الأصل الخامس⁣(⁣١)، وهو أن الكذب قبيح، قال: إذ لا كذب في هذا».

  فالجواب: أن الإلزام باق على أصله، وإنما الفرق وقع بين إخلاف الوعيد من العبيد، وإخلافه من الله تعالى الله عنه.

  وأما الأصل السادس⁣(⁣٢): وهو أن الله لا يأتي بشيء من القبائح. قال [أي فقيه الخارقة]: «فهو بناء على الأصل الخامس، وقد سقط، وقد بينا أيضاً أن القبيح غير متصور في حق الله تعالى».

  فالجواب: أن الإلزام باق في الأصل الخامس، وفي السادس أيضاً؛ لما قدمنا.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وقد بينا أن القبيح غير متصور في حق الله تعالى».

  فالجواب: أنه بناه على أن القبائح تقبح لا لوجه يرجع إليها، من كونها ظلماً وعبثاً وكذباً، وقد بينا صحة ذلك، وأبطلنا أن يقبح شيء منها لأمر يرجع إلى الفاعل من العبيد، من كونهم مخلوقين، أو مربوبين، أو ممن حدت لهم الحدود، وفصلنا جميع ذلك، وبقي الإلزام لمعاشر المجبرة بحاله.

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: فصح بهذه الجملة أن الفساق متى ماتوا مصرين على الفسق يعذبون في النار عذاباً دائماً.

  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: فنقول: قد بطلت جملته، وانتقضت حجته، وثبت أن الفساق متى ماتوا مصرين على الفسق، كانوا في مشيئة الله تعالى، إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، لقول الله ø: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}⁣[النساء: ٤٨]».

  فالجواب: أن حجة صاحب الرسالة في إثبات وعيد الفساق، وأنهم مخلدون في النار باقية لا نقض لها ولا فساد؛ لما تقدم من الآية والأخبار التي قدمناها


(١) سبق في كلام الشيخ محيي الدين عند ذكر مسألة الوعيد.

(٢) سبق في كلام الشيخ محيي الدين عند ذكر مسألة الوعيد.