[إلزامات على الفقيه لقوله ببقاء الرضاء]
  نكث بيعته لغضب عليه بعد رضاه عنه؛ فكيف يكون الرضا على القطع مع هذا الاشتراط، لولا جهل من لا يتدبر الأدلة.
  وهكذا في آية الاستخلاف، فإنه تعالى قال في آخرها: {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٥٥}[النور]، وهذا إخبار عن استحقاق الذم بعد وقوع المدح والتعظيم.
  وهكذا في المدح بعد الذم قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ١٥ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٦}[الأنفال]، وأخبر سبحانه أنه يغضب على من فر من الزحف وإن كان قبله مؤمناً مرضياً عنه.
  وكذلك فقد أخبر أنه يعذب القاتل إلا أن يتوب، ولا شك أنه في حال قتله لغيره بغير حق مغضوب عليه، وبعد التوبة مرضي عنه، وذلك في قوله تعالى: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ٦٨} ... إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٧٠}[الفرقان].
[إلزامات على الفقيه لقوله ببقاء الرضاء]
  وكيف يصح ما قاله الفقيه، وهو يلزم عليه أن لا يرتد مسلم ممن قد ¥، أو يقول: إن ارتد فهو مرضي عنه وإن مات على ردته، وكلاهما باطل، وقد علمنا أن من كفر فالله ساخط عليه ما دام كافراً، فإن أسلم فالله راض عنه ما دام مُسْلِماً.
  وعلى أن من جملة الصحابة المرضي عنهم من خرج على أمير المؤمنين # يوم الجمل، ونكث بيعته وبغى عليه، فقاتلهم وقتل كثيراً منهم، ومعلوم أن الخروج على إمام الحق ومحاربته فسق عند الكافة، ولهذا سماهم ناكثين، فما في القول بهذا ما يوجب تكفير قائله أو تفسيقه، وقد شهد بصحته كتاب الله تعالى وسنة النبي ÷.