كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام في الموازنة في صغائر الذنوب]

صفحة 122 - الجزء 3

  وقد روينا من الأخبار في ذلك فيما تقدم ما يجزي القليل منه فلا فائدة في إعادته، فلو لم يرد في ذلك إلا ما في خطبة الوداع وقد قدمنا سندها من قوله ÷: «من علق سوطاً بين يدي سلطان جائر جعله الله حية طولها سبعون ألف ذراع، فتسلط عليه في نار جهنم خالداً مخلداً، ومن خان أمانته، ومن قاد بين امرأة ورجل، ومن أعان على خصومة قوم ظلمة، ومن ظلم أجيراً أجره» وفي كلها خالداً في النار مخلداً، وهذا وعيد لمن قد تتقدم منه الطاعات، فكيف يشكل عليه أن المرضي عنه يغضب عليه، وأن المغضوب عليه يرضى عنه، وقد نطق بذلك القرآن الكريم والسنة الشريفة حتى يكفّر من قال بذلك ويفسّقه.

[كلام في الموازنة في صغائر الذنوب]

  وأما قوله: «وقال في كلامه [أي محيي الدين]: ولأن الله تعالى قد خاطب كثيراً من الأنبياء $ على ما صدر عنهم من المعاصي.

  ولعله⁣(⁣١) أراد عاقب فأخطأ، وقد ذكر بعد ذلك ما يدل عليه، وذكر أن الله تعالى عاقب كثيراً من الأنبياء $ بذنوب عملوها عمداً.

  قال [أي محيي الدين]: لكنها كانت صغيرة، وعندهم⁣(⁣٢) أن الصغيرة تقع محبطة، ولا يجوز لله تعالى أن يعاقب عليها فنقض مذهبه بقوله».

  فالجواب: أن الفقيه لما اتسع علمه صار يقرأ عاتب بلفظ خاطب، ثم اتسع فهمه حتى تأول لقائله بأنه عاقب، فاستمر على ذلك وزعم أنه يحتج بآخر الكلام الذي لو كان كما قال لكان مناقضة، وجملة الأمر أن اللفظة (عاتب)، ولما نقطت التاء جعلها قافاً، وبنى شرحه على ذلك؛ فأخطأ في حكايته لخاطب، وأخطأ في تفسيره أنه عاقب؛ لأنه لو كان عاقب بالقاف لم يصح أن يقول بعده: ولكنها صغيرة، وكيف يعاقب على فعل الصغيرة لولا الجهل الغالب.


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٢) بداية كلام فقيه الخارقة.