كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[نسبة من قال بالتحسين والتقبيح العقلي إلى التحكم على الله]

صفحة 123 - الجزء 3

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وعندهم أن الصغيرة تقع محبطة لا يجوز لله أن يعاقب عليها».

  فالجواب: أما قوله: تقع محبطة؛ فالمراد به ما يستحق عليها من العقاب ينحبط بما يستحقه الفاعل من الثواب، وإن كان يسقط من الثواب بمقدار ذلك العقاب، ويدخل الجنة مستحقاً بما فَضُل من الثواب بعد مساقطة عقاب الصغيرة، قال الله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ}⁣[الأعراف: ٨].

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «لا يجوز لله تعالى أن يعاقب عليها» - فإن أراد أن حكمته تعالى تمنع من عقوبة من لا يستحق فهو كذلك؛ لأنه يكون ظلماً، والحكيم لا يفعل الظلم.

  وإن أراد لا يجوز أن غيره حرم عليه ذلك فهي حكاية كاذبة، وحينئذ لم ينقض مذهبه بقوله كما حكاه الفقيه، بل استقام على الحق، واعتقد أن كل عامل يستحق جزاء عمله على الوجه الصحيح دون الوجوه الفاسدة، ولهذه المسائل تفاصيل، وكلام في الإحباط والتكفير والموازنة، ليس لذكرها وجه هاهنا.

[نسبة مَنْ قال بالتحسين والتقبيح العقلي إلى التحكُّم على الله]

  ثم قال: «قال القدري [أي محيي الدين]: وأما قوله [أي فقيه الخارقة في رسالته الأولى]: وهلم جرا إلى تحكمهم على الله فما حسنوه له فهو الحسن وما قبحوه فهو القبيح ... إلى آخر ما ذكر من الجفاء الذي لا يليق بأهل الأدب والدين.

  والكلام⁣(⁣١) عليه: أن هذه حكاية باطلة لا أصل لها ولا ثبات، والله سائله ومن نقل إليه الفرية، فإن كان وقف على أن - من المحسنات ما يعرف بالعقل وكذلك المقبحات، فكذلك يعرفها من لا يعرف السمع من الكفار المنكرين للسمعيات، كما يعرفها من يعرف السمع، ومنها ما لا يعرف حسنه أو قبحه إلا


(١) بداية كلام الشيخ محيي الدين ¥.