[نسبة من قال بالتحسين والتقبيح العقلي إلى التحكم على الله]
  بالسمع - فغلط، فحكاه على غير وجهه، فليراجع المسطور، وليتثبت في الأمور، وقد قيل: إن اللسان قلم الملك، وريق العبد مداده، فليمل ما شاء.
  وقد قال رسول الله ÷ فيما رويناه عنه: «إن اللسان أملك شيء للإنسان، ألا وإن كلام العبد كله عليه إلا ذكراً لله، أو أمراً بمعروف، أو نهياً عن منكر، أو إصلاحاً بين مؤمنين»، فقام إليه معاذ بن جبل ¥ فقال: يا رسول الله أنؤاخذ بما نتكلم به؟ فقال: «وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، فمن أراد السلامة فليحفظ ما جرى به لسانه، وليحرس ما انطوى عليه جَنَانه، وليحسن عمله، وليقصر أمله» ثم لم تمض أيام حتى نزلت هذه الآية: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}[النساء: ١١٤].
  وقد ظهر الجواب بما ذكرنا عن قوله [أي فقيه الخارقة]: إن آيات الخلود أو أكثرها واردة في الكفار، ولأن اللفظ عموم فلا يخص إلا بدلالة.
  وعن قوله [أي فقيه الخارقة]: إن السنة وردت بخروج قوم من النار؛ لأن(١) ذلك إن صح حمل على خروجهم عن استحقاق النار بالتوبة في الدنيا، كما ورد ذلك في مواضع من الأخبار مفصلاً.
  فنقول(٢) وبالله التوفيق: أما ما زعم أنه حكاية باطلة فمدافعة منه ومغالطة، أو احتراس من ذكر قبيح مذهبهم، وسوء معتقدهم، فأعجب لهذا المذهب القبيح، يعتقدون شيئاً ويناظرون عليه، فإذا ألزمهم ملزم مما يؤول إليه نظرهم واعتقادهم نفروا عن ذلك، واستبعدوه وكذبوا به، وما ذلك إلا خيفة من عوامهم أن يطلعوا على سوء معتقدهم فيرغبوا عن مذهبهم، فيزول عنهم ما قصدوا بهذه النفحات من غلط الانتفاع، وتكثير الأشياع والأتباع.
(١) بداية كلام الشيخ محيي الدين ¥.
(٢) بداية كلام فقيه الخارقة.