كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[نسبة من قال بالتحسين والتقبيح العقلي إلى التحكم على الله]

صفحة 125 - الجزء 3

  أما تحكمهم على الله ø فظاهر، لا يحتاج إلى حجة ولا دليل، فإذا قلنا لهم: ألستم تقولون: إن الله ø إذا غفر الكبيرة التي لم يتب عنها صاحبها كان سفيهاً، وإذا عاقب على الصغيرة التي تقع مع اجتناب الكبيرة كان ظالماً؟ وكذا إذا آلَم الطفل والبهيمة من غير عوض يكون ظالماً مقبحاً، وإذا أتى إنسان الكبائر ثم تاب عنها وجب على الله أن يقبل توبته، ولا يجوز له أن يعاقبه، وإذا فعل شيئاً لا يليق في الشاهد فعله من الحكيم كان مقبحاً؟ فلا بد من نعم ولا يقدرون على دفع هذا.

  فأخبرني أيها القدري، هل هذا تحكم على الله ø وتحسين له وتقبيح عليه أو لا؟ فإن قلت: هذا ليس بتحكم كابرت العيان، وإن قلت هذا تحكم رجعت إلى ما أنكرت».

  فالجواب: أن ادعاءه ما جرى من صاحب الرسالة مغالطة ومدافعة فليس كذلك، لأنك قلت: إنهم تحكموا على الله سبحانه فما حسنوه فهو الحسن، وما قبحوه فهو القبيح، ولا شك أن هذه الفرية عليهم؛ لأن أحداً من المسلمين لا يقول بذلك، اللهم إلا أن يريد به من يقول: إن التحسين والتقبيح يتبعان الأغراض، حتى إن الفعل الواحد يكون حسناً من حيث كان فيه غرض حسن لشخص، وقبيحاً من حيث كان ضرراً لآخر؛ فهذا بعينه مقالته ومقالة أهل نحلته، وقد ذكر هذا اللفظ بعينه في رسالته هذه، فهو المحسن والمقبح، فكيف يضيف ذلك إلى من لا يقول به، وينفيه عمن يقول به.

  وأما تنميقه [أي فقيه الخارقة]: «أنهم يعتقدون شيئاً ويناظرون عليه فإذا ألزموا ما يؤول إليه نظرهم واعتقادهم نفروا عن ذلك ..» إلى آخر ما قال.

  فالجواب: أنه حكى ما ليس له أصل صحيح، فإن أراد ما عقب من المسائل فسيرى الجواب إن شاء الله تعالى.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «أما تحكمهم على الله ø فظاهر، لا يحتاج إلى