[انتقاد الفقيه لما لا غرض فيه والرد عليه]
  رويناه عليها، وأهل العلم بذلك - من أهل مقالتك - يفضحونك، إن ادعيت غير ذلك.
  وأما عيبه في تقلب الزمان، أن يظهر الفاضل النقص، ليسلم ممن بلي به من الجهال، مثل ما اعتمد عليه الفقيه في جوابه من قبح المقال، مع البلوى الشديدة عند المسائل المهمة لضيق المجال، ولهذا ما يُعلم أنه أورد على دلالة من الرسالة، بل على ركن من أركانها ما يزيل حكمه، وإنما يورد كلاماً يرومه معارضة، أو تعلقاً بلفظ يعده مناقضة، فلهذا قال: يظهر النقص فاضل، ليسلم من لسان الفقيه العالم ابن أبي القبائل.
  ثم قال: وأما قوله [أي محيي الدين]: ولقد خاف مثل ما عاب، فقدم رسالته إلى بعض الأصحاب، فلم(١) يكن الأمر كما ذكر، بل إن صاحبه أحب بقاءها عنده، لغرض من الأغراض، فنسخ سواها، ولقد جاءت رسالة الإمام على يديه، فوصل الجواب إليه، فكان ما ذكرت، لا لغرض وراءه، ولله الحمد.
  ثم قال: قال القدري: وأما انتقاده لما قرره مولانا - سلام الله عليه - من أخبار زيد بن علي –عليه وعلى آبائه السلام - وقوله [أي فقيه الخارقة]: إن هذا أعجب العجب، فكان الأولى بهذا الرجل وبفرقته أحد أمرين: إما أن يتركوا الاعتزاء إلى زيد بن علي، وينتسبوا إلى عمرو بن عبيد، فهم إليه أقرب، أو يقولوا: لا نعلم مذهب زيد ويسكتوا، فمن صمت نجا» هذه عيون كلامه وأجملها.
  والكلام عليه: أنا قد قدمنا، أنا عرفناه أموراً لم يكن عارفاً بها، وإن كان قد ادعى المعرفة، ولكن بغير برهان فلا تقبل، فكانت من الحسنات التي يجب الشكر عليها، فقابلها بالأذية، والنسبة إلى المعتزلة، والمعتزلة تنتمي إليه #، وإلى آبائه الكرام في العدل والتوحيد، ولا خلاف لهم إلا في الإمامة.
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.