كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مذاهب الفقيه في خلق الأفعال]

صفحة 196 - الجزء 3

  تعالى لما رآه إلا لكونه عليها، وهو أنه حي لا آفة به.

  والموانع زائلة في الدنيا والاخرة؛ إذ لا تجوز عليه تعالى؛ لأنها القرب المفرط، والبعد المفرط، والرقة واللطافة والحجاب الكثيف، وعدم الضياء المناسب، وكون محله بعض هذه الأوصاف، وهذا في حق اللون، وهذه الموانع لا تجوز إلا على الألوان والأجسام، وجميعها محدث، وهو تعالى قديم، فبطلت رؤيته سبحانه في الآخرة؛ لما بينا أنه لو جاز أن يرى في الآخرة لرؤي في الدنيا، ومعلوم أنه سبحانه لا يرى في الدنيا؛ لأنه لو رؤي في الدنيا لكان معلوماً لنا بالمشاهدة، وكنا لا نحتاج في معرفته إلى نظر واستدلال، كسائر المشاهدات، ومعلوم خلافه.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «إنه سبحانه يُرى في الآخرة بلا إحاطة ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف».

  فالجواب: أما قوله: «بلا إحاطة» فيفيد أنه يرى بعضه تعالى عن البعض.

  وأما قوله: «ولا تمثيل» فيفيد أنه يرى بخلاف رؤية المرئيات.

  وأما قوله: «بلا تشبيه» فهو يبطل عليهم الاستدلال بالخبر، وهو ما ترويه الجبرية عن النبي ÷ أنه قال: سترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، وروي: لا تتضامون، والخبر معترض على سنده ومتنه.

  أما السند: فراويه قيس بن أبي حازم، وقد روي عنه القول ببغض علي # لأنه قال: منذ سمعت علياً يقول: (انفروا إلى بقية الأحزاب) دخل بغضه بقلبي، ومن دخل بغض علي في قلبه، فأقل أحواله أن لا تقبل روايته.

  ولأنه روي: أنه خولط في عقله في آخر مدته، ولا ندري هل روى الخبر في وقت الصحة، أو وقت الاختلال.

  وأما المتن: فتشبيهه بالقمر ليلة البدر، يقتضي أنه يرى في جهة العلو، على وجه الاستدارة، وعلى هيئة الإضاءة والإنارة، وهذا هو التشبيه المحض، والقول بالتجسيم الخالص، إن كان يعتمد هذا الخبر.