كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث في الرؤية]

صفحة 197 - الجزء 3

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولا تكييف».

  فالجواب: أنه إن اعتمد هذا الخبر لزمه التكييف، ولا بد لما ذكرنا، وإن عدل عن الخبر خشية التكييف فالجواب: أن الواحد منا لا يرى بحاسته إلا ما كان مقابلاً، أو في حكم المقابل، كما يرى أحدنا وجهه في الماء والمرآة وشبهها، أو الحلول في أحدهما؛ فالأولان من صفة الجسم، والثالث من صفة العرض؛ فإن جوّز رؤيته تعالى على أحد هذه الوجوه، فقد لزمه دليل الحدث، ولزمه إثبات الرؤية بكيفية، وإن امتنع عن ذلك لم تكن الرؤية معقولة، وكان قوله: يرى بلا كيفية، يلزمه أن يطعم ويشم ويدرك بلا كيف.

  فإن قال: إن الطعم والشم والإدراك لمحل الحياة، ولا يجوز عليه تعالى؛ لأن ذلك لا يجوز إلا على الجسم والعرض.

  قيل له: وكذلك الرؤية، لا تكون إلا للأجسام والأعراض، ولذلك قلنا له: يلزمك ذلك.

  فإن قال: أنا أقول بالرؤية ولا أكيفها.

  قيل له: ولقائل أن يقول: يدرك بسائر هذه الإدراكات ولا يكيفها.

  فإن قال: زوال الكيفية يعصمك عن دلالة الحدث.

  قلنا: فهو يعصم عن سائر الإدراكات، ولم يقل بذلك أحد⁣(⁣١).

  فإن قلت: إن هذه الادراكات لا تعقل، إلا على حد ما تعرف في الشاهد.

  قيل لك: فالإدراك بمعنى الرؤية مثله سواء سواء.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «فمن رد ذلك فقد رد كتاب الله وسنة رسول الله ÷».


(١) قال ¦ في التعليق: قد روى ابن أبي الحديد عن الأشعري وأصحابه أنهم يجيزون أن يُرى، وأن يُسمع، ويُشم، ويُذاق، ويُحس، لا على الإتصال، وإنما يمنع من سائر الإدراكات غير الرؤية الكرامية فقط. بل قد مرّ للإمام # في الجزء الأول عند ذكر الأشعرية بأنه روي عن الحسن الأشعري أنه تعالى يُدرك بجميع الحواس، وأصحابه مطبقون أنه مسموع. والكلابية يخالفونهم في ذلك ... إلخ.