[الفرق بين المجبر والمرجئ]
  فالجواب: أنه لم يف في كثير مما روى بما شرطه هاهنا، فإن كان لأن ما فعله كافياً في صحة الرواية، فهو كاف في حق سواه، وإن كان قد صح عنده فرأى أن يقتصر على المتن دون الطريق وكان جائزاً، فكذلك يجوز لغيره، وإن كان لا يُوثَق إلا بما شرطه آنفاً، فليستأنف النظر فيما أطلقه من الأخبار، واعتمد في كثير منها على المتون، من دون ما اشترطه في صحة الرواية.
  على أنا لا ننكر أن ما ذكره مما يقوي الرواية، ولكن الأصل أن يحوط الإنسان نفسه عن المطاعن، كما يعتقد جواز شيء من الكذب؛ فإن مع ذلك لا يُوثق بروايته، وقد ظهر من الفقيه ذكر جوازه في رسالته هذه، فهذا من أهم ما يقع النظر فيه.
[الفرق بين المجبر والمرجئ]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وقد ذكر هذا الرجل في مواضع من رسالته أن القدرية والمرجئة شيء واحد، وفي هذه الرواية قد فرق بينهما فنقض قوله بقوله، وبيّن مَن المرجئة، وأنهم الذين أطمعوا العباد في دخول الجنة مع الإقامة على الكبائر، وهكذا نقول».
  فالجواب: أن المجبر من حمل ذنبه على الله، والمرجئ من أطمع العباد بدخول الجنة مع فعل العظائم غير تائب منها، فمن جمع بين هذين المذهبين الخبيثين - مثل الفقيه ومن رأى رأيه - فهو مجبر ومرجئ؛ لأنه جمع بين المذهبين، ومن قال بأحدهما خص بما قاله دون ما لم يقل به، كقول بعض الإمامية، وكما يروى عن أبي حنيفة ¦ يقول بشيء من الإرجاء، لا على حد ما تقوله المرجئة، بل يُجَوِّز ولا يَقطع، ولم يحك عن أحد منهم القول بأن الله تعالى يخلق أفعال العباد، بل من يقول بالإرجاء يقول بالعدل في مسألة خلق الأفعال، فلا مناقضة بين ما رويناه، لولا قلة التثبت من السائل والجهل بهذا الفن.
  ثم قال: «وأما قوله [أي الشيخ محيي الدين]: ومِن القدرية الذين حملوا ذنوبهم على