[بحث حول تقدم الشيخين]
  اجتماع الحيوان في الملك، وإن افترقا في المرعى، وفي وجوب إعادة الصلاة خلف الجنب ولو صلى الإمام ناسياً، وفي وجوب ترتيب الوضوء بين اليمنى واليسرى، كما يجب على الجملة بين الأعضاء، إلى غير ذلك مما يكثر عده، ولا ينحصر حده من مسائل الشرع، وإن خالف في ذلك بعض الفقهاء.
  فإن قال بذلك وأمثاله كان زيدياً في الفروع، ثم نظر في أقواله # في الأصول فعمل مثل ذلك.
  وأما التعلق بأقل مسائل العبادات لما اتفق منه قوله # وقول الشافعي فلا يكون بذلك متبعاً له #؛ إذ ليس من الشرعيات مما وقع فيه الخلاف إلا وقد قال به من ابتداه، ومن قوى عنده بعده، وإن خالفه في أكثر من ذلك، ولم يوجب ذلك اعتزاء إلى صاحب المسألة الأولى، بل يقع الخلاف في أكثر مما وقع فيه الوفاق، فكيف يدعي ما ذكر لولا قلة التأمل، وقد قدمنا من هذا الجنس طرفاً، وفي كل موضع ما يخصه من النفع إن شاء الله تعالى.
[بحث حول تقدم الشيخين]
  ثم قال: «قال القدري: وما حكاه من رسالة مولانا #، وما هو عليه وسائر الأئمة الأعلام والمحصلون من سائر علماء الإسلام، من التوقف في معصية الشيخين، في التقدم على أمير المؤمنين #، فإنهم لم يقطعوا على أنها كبيرة فيستوجبا بها لعناً وذماً واستحقاقاً لعذاب الأبد، ولا بكونها صغيرة فتكون مكفَّرة في جنب طاعتهما، ويصيران في نعيم لا ينفد - فهو كلام صحيح محصل، إن صادف قلباً واعياً، وقد نبهنا على الوجه في ذلك، وأن معرفة الكبائر والصغائر تنبني على معرفة مقادير الثواب والعقاب، وذلك مما يستأثر الله تعالى بعلمه، فلا نعرف منه إلا ما عَرَّفنا، فمن أوجب الله تعالى عليه الحد على سبيل النكال والاستخفاف، قطعنا على أن معصيته قد أحبطت طاعاته بلا خلاف، وكذلك من ألحقه الله سبحانه الذم واللعن والاستخفاف.