كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول تقدم الشيخين]

صفحة 221 - الجزء 3

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: لم يقطعوا أنها كبيرة، فيستوجبا بها ذماً ولعناً، واستحقاقاً لعذاب الأبد، ولا بكونها صغيرة، فتكون مكَفَّرَة في جنب طاعاتهما ويصيرا في نعيم لا ينفد - وأثبت⁣(⁣١) النون في يصيران جهلاً منه، ولم يعرف المعطوف من المعطوف عليه، فالعجب من جهلهم وغفلتهم، {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٤١}⁣[المائدة]، فليت شعري كيف يتوقف المتوقفون في معصيتهما، وأنهما من أهل الجنة أوْ لا مع شهادة الله لهما بذلك ورسوله ÷، ما هذا إلا وسواس وانتكاس على أم الرأس.

  وقوله [أي محيي الدين]: فمن أوجب الله عليه الحد على سبيل النكال قطعنا على أن معصيته قد أحبطت طاعاته بلا خلاف - فأقول: أقلت⁣(⁣٢) هذا بعقل أدَّاك إليه؟ ولا مجال للعقل في إحباط العبادات، بل لا يدرك ذلك إلا بنور النبوءة، أم قلت ذلك بسمع فأظهره لنا؟ ولن تجد ذلك أبداً، وإنما هذا من باب التحكم على الله الذي نفرت منه، وزعمت أيها القدري أنكم لا تتحكمون على الله ø، فقد حكمتم عليه بإحباط عمل من شئتم، وأوجبتم عليه إثابة من شئتم، فأنتم الأرباب على هذا، والرب مربوب، وأنتم الخالقون وهو المخلوق، وأنتم السادات وهو العبد، بئسما تحكمون، وساء ما تتوهمون، لقد ضللتم ضلالاً بعيداً، وخسرتم خسراناً مبيناً.

  ثم قال [أي محيي الدين]: بلا خلاف - فأقول⁣(⁣٣): أفتريد الخلاف بينك وبين فرقتك، فهذا قول ساقط لا معنى له، أم تريد سائر الأمة، فما أجرأك على الكذب، وأصبرك على إظهار الافتضاح بمثل هذه الدعوى، فلم يذهب إلى أن السيئة الواحدة تحبط الحسنات الكثيرة سوى المعتزلة، وسائر الأمة مخالفون لهم في ذلك، فما معنى قولك


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٢) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٣) القائل فقيه الخارقة.