[جواب الإمام المنصور بالله # على انتقادات الفقيه في أخطاء الكتابة]
  وأنه لم يعر من جنس ما نقد، وأنه اشتغل بالقِشَر عن اللباب، وحمل الذنب على ما قد يدخل تحت طغيان القلم، وسهو الكاتب، كما اعتذر لنفسه بمثل ذلك، ولم يسلم من ذلك، بل نقد ما لم ينقد، فبان عواره وخلوه من الفن، ووقع منها أشياء علمنا أنها غلط حمّلناه جرمها، جرياً على عادته في سوء الأدب، فأردنا التعريف كما أراد الأذى والتحريف؛ فحسن فعلنا، وقبح فعله، لاختلاف الوجهين.
  وما أتبع ذلك من الأذية التي لا تصلح بأهل الأدب والدين، فتلك سجيته التي لا تنكر، وعادته المعهودة من الوقاحة وقلة الحشمة، وذلك لا يزيده عند الله وعند رسوله والعقلاء في الدنيا إلا خساراً، وفي الآخرة إلا ناراً، وكل إناء يرشح بما فيه، وقد تشاغلتَ بالنقد في الكتاب، فأطنبتَ في هذا الباب، وليتك إذ ذاك حفظت نفسك من الزلل، واحترزت من الذي صدر عنك من الخلل، شعراً:
  وَلَيْسَ في النَّاسِ مَنْ يَدْرِي بِزَلَّتِهِ ... كُلٌّ يَرَى فِعْلَ ما يَأْتِي بِهِ حَسَنا
  وقد أتيتَ في كلامك بخطأ يدل على الخطل، وزلل انقطعت دون إصلاحه بالعلل، فإن كان ذلك بجهل، فكيف ينقد على العلماء الجهال؟ وإن كنت من أهل المعرفة، فكيف غبي عليك هذا الحال؟ فقد صرت كالأشقر(١) يوم جبله، لقد غلب عليك السفه والبله.
  من ذلك قولك: «ومن خالف النبي ÷ أبغضناه لاتباعه هواه، ولبغض النبي ÷ إياه» و (إيّا) لا يعمل فيه إلا ما(٢) بعده غالباً، وقولنا غالباً احتراز
(١) تقدم الكلام على هذا المثل في الجزء الأول.
(٢) وذلك إذا تقدم على عامله كقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[الفاتحة: ٥]، أو حذف العامل مثل: إياك والشر، ونحو ذلك، وقوله: غالباً كما إذا اجتمع ضميران وليس أحدهما مرفوعاً؛ فإن كان أحدهما أعرف وقدم جاز الاتصال نحو أعطيتكه والانفصال كأعطيتك إياه فإن لم يكن أحدهما أعرف وقدم إياك أو كان أعرف وأخر مثل زيد أعطيته إياك لم يجز الاتصال، هذا إملاء الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #، ولم يتضح منع الانفصال فيما ذكر فلعل الإمام حمله على الذي أوجبه في مثل هذا وليس بواجب أو أن في الكلام سقطاً، والله أعلم.