[رسالة الإمام محمد بن عبدالله (ع) إلى خواص أصحابه]
  الأمر من بعده، فقالت الأنصار: نحن الذين آوينا ونصرنا، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر وهو بباب رسول الله ÷ ينتظر جهازهم له والصلاة عليه، فقال له: إنك لغافل عما أسّست الأنصار وأجمعوا عليه من الصفقة على يد سعد بن عبادة، ثم تناول يده عمر فجذبه وأقامه حتى انتهى إلى سعد، وقد عكفوا عليه وازدحموا حوله، وتكلّم أبو بكر فقال: يا معشر الأنصار أنتم الجيران والإخوان، وقد سمعتم قول رسول الله ÷: «إن هذا الأمر لا يصلح إلا في قريش»، وقد علمت العرب أنّا أوسطها داراً، وأصبحها وجوهاً، وأبسطها ألسنة، وأن العرب لا تستقيم إلا علينا.
  فقال عمر: هات يدك يا أبا بكر أبايعك، فمد يده أبو بكر فضرب عليها، وضرب عليها بشير بن سعد، ثم ثلّث أبو عبيدة بن الجراح، ثم تتابعت الأنصار، فبلغ ذلك علياً #، فشغله المصاب برسول الله ÷ عن القول لهم في ذلك، واغتنموا تشاغله برسول الله ÷.
  فنظر علي # لدين الله قبل نظره لنفسه، فوجد حقه لا يُنال إلا بالسيف المشهور، وتذكّر ما هم به من حديث عهد بجاهلية، فكره أن يضرب بعضهم ببعض فيكون في ذلك ترك الإلفة، فأوصى بها أبو بكر إلى عمر عن غير شورى، فقام بها عمر وعمل في الولاية بغير عمل صاحبه، وليس بيده منها عهد من رسول الله ÷، ولا تأويل من كتاب الله، إلا رأي توخاه هو فيه مفارق لرأي صاحبه، جعلها بين ستة، ووضع عليهم أمراء أمرهم إن اختلفوا أن يقتلوا الأقلّ من الفئتين، وصغّروا مِنْ أمرهم ما عظم الله، وصاروا سبباً لولاة السوء، وسُدّت عليهم أبواب التوبة، واشتملت عليهم النار بما فيها، والله جل ثناؤه بالمرصاد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
  فهذا تصريح من محمد بن عبدالله # بما ذكرنا في كتابنا في أمر علي بن أبي طالب - رضوان الله عليه - وقد ذكرنا في الشواهد ما يكفي؛ لأن الفقيه قال: