[وجه الشبه بين الفقيه وأشباهه من أهل الكتاب]
  سجيته، وإلا فمن المعلوم أن البيتين لا يكونان لاثنين ممن ذكر، ولا جرت العادة في التوارد أكثر من نصف بيت، فإن تجاوز فبيت، وقد كثر أعداد قائلهما، فما أنكر من صحة ما رواه خصمه، ما لم يحط به علمه، ولكن أعجبه لما كان من نتائج فكره، فنظره بعين محبة فأعجبه، كما قيل في المثل: الْقَرَنْبَى(١) في عين أمها حسنة.
  فلو كان من أهل النفوس الكريمة، والعقول السليمة، لتكلم بكلام أهل الشرف والعلم والأدب، فلا ضير في ذلك، والخلاف لا يستنكر، وقال قلتم كذا، وهو ينتقض بكذا وكذا، وهذا الخبر - إن كان يعرف رجال الآثار - قد طعن في فلان من رجاله بكذا وكذا، أو معارض من النصوص الصريحة، التي لا تحتمل التأويلات بذا وذا، أو مظنون، وما في مقابلته من مذهبي معلوم، وما لو ذكرناه لطال شرحه.
  وإنما ملأ رسالته: كذبتم في هذا، أو أخذتم هذا من مسيلمة، أو من سجاح، أو من الأسود، أو هذا الخبر ناقص يحتاج إلى زيادة.
  ورسالتنا الأولى معلومة موجودة، ما فيها تكذيب ولا أذية لأحد من البرية، إلا تبيين أن علياً # أولى بالإمامة بعد رسول الله ÷ من أبي بكر وعمر وعثمان، وأنهم قد عصوا الله في التقدم على وصي نبيه وابن عمه ووارث علمه، وأخيه وهارون أمته، ووارثه وخليفته.
  وبينا ذلك بياناً لم يقدر على إنكار شيء منه، إلا بما أنكر أشباهه كتاب الله سبحانه، ولغوا فيه وجعلوه عضين(٢)، وسماهم الله مستهزئين، ودفع شرهم عن نبيه الأمين، –صلى الله عليه وعلى آله الطيبين -، فطعنوا في الكتاب بأنواع الطعن، التي لا تعدوا ما طعن به الفقيه علينا من اللحن، والقصور في المعاني والمناقضة، وقالوا: إن هذا إلا اختلاق، وسموه الساحر الكذاب، وجعلوا ما
(١) هي دويبة مثل الخنفساء منقطعة الظهر طويلة القوائم. انتهى.
(٢) عضين: أجزاء جمع عضة، وأصلها عضوة فعلة من عضا الشاة إذا جعلها أعضاء. تمت من الكشاف.