[وجه الشبه بين الفقيه وأشباهه من أهل الكتاب]
  جاء به أساطير الأولين ونفوه عن وحي رب العالمين.
  فإن زادت فرية الفقيه على فرية أعدائنا على أبينا، وإلا لم تنقص، فما نقصه ذلك ولا ضاره إلا كما ضر القمر نباح الكلاب، وفيه لنا الأسوة الحسنة، والقدوة المستحسنة، وهذه عادة أرذال الأضداد، متى فاتتهم منازل الأجواد، كما قال أحمد بن عبدالله بن سليمان المعري:
  تَعَاطَوْا مَكَانِي وقَدْ فُتُّهُمْ ... فما أَدْرَكُوا غيرَ لَمْح البَصَر
  وقدْ نَبَحُونِي وما هِجْتُهُم ... كما نَبَحَ الكلبُ ضوءَ القَمَر
  هما من المتقارب الثالث، والقافية من المتدارك(١)، وهما كما ترى، فلا يدري ما يصلح فيهما، وما ينقص من معانيهما؛ لأنه عكس عليه في قوله:
  فَوَاعَجَبَا كَمْ يَدَّعِي الفضلَ نَاقِصٌ ... ويَا أسَفَا كَمْ يُظْهِرِ النَّقْصَ فَاضِلُ
  اشتهاره عند من يعرف شعر الضرير، في استغفر واستغفري، وفي القوافي المقيدة، وفي سقط الزند، كاشتهار الفرس الأبلق(٢) في الكمت العراب، فنكسه الفقيه برأيه المنكوس، فجعل مكان يظهر يكتم، ومكان النقص الفضل، فقال:
  فيَا عجبَا كم يَدَّعِي الفَضْلَ نَاقِصٌ ... ويا أسَفَا كَمْ يَكْتُمِ الفَضْلَ فَاضِلُ
(١) يعني # أنهما من الضرب الثالث، من قسم المتقارب، ووزنه: فعولٌ فعولٌ (ثمان مرات) إلا أن هذا الضرب حذف منه سبب خفيف فصار: فعول فعول فعول فعول؛ ثم نقل إلى فعل.
وأما قوله #: والقافية من المتدارك؛ فالقافية هي آخر كلمة من البيت، والمتدارك وزانه: فاعلٌ فاعلٌ؛ فمعنى كون القافية هنا من المتدارك، أن من الحاء في قوله: لمـ (ـح البصر) إلى آخر الكلمة التي هي القافية، وزانه (فاعل). ومن الواو في قوله: ضـ (وء القمر) إلى آخر الكلمة المسماة بالقافية أيضاً وزانه (فاعل)، وحينئذ يصح كون البيتين من الضرب الثالث من المتقارب، وقافيتهما من المتدارك؛ فلله هذا الإمام، ما هذه الإحاطة والإلمام. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(٢) بلق الفرس: كان فيه سواد وبياض. الكُمْت: الكميت من الخيل: ما كان لونه بين الأسود والأحمر. العراب: خيل عراب خلاف البراذين.