[وجه الشبه بين الفقيه وأشباهه من أهل الكتاب]
  وقد كنا أضربْنا عن مناقضة الأجوبة؛ لما وقفنا على دامغته(١) المعجبة، وأنه رأى نقطة تحت المرحل فقصر وطول، وكثر وقلل، وقال إنه بالحاء وليس بالجيم، وقطع على أمر أصله الترجيم(٢)، قلنا جاهل لا يجارى، وسفيه لا يمارى:
  أَبْذَا إِذَا نُوْدِيَ مِنْ كَلْبٍ ذَكَرْ ... أَعْقَدَ(٣) يَعْدُو بَوْلَهُ على الشَّجَرْ
  فلما أجابه الشيخ محيي الدين - أيده الله تعالى - ورسالته موجودة ما فيها شيء مما ذكر، تفلت إلينا تفلت الحمس البَرِم(٤)، وحمل علينا حملة الفيل المغتلم؛ كأنه لا يشفيه من قرمه، ولا يطفي سورة نهمه، إلا لحوم أولاد النبيين، وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين.
  ثم قال: «وقوله: فبماذا يفرق بين العاقل والجاهل؛ فأول جهل فيه أنه كتب فبم بإثبات الألف، ولم يفرق بين الاستفهام والإخبار، ولكنه في معزل عن ذلك لطعنه على السادة الأبرار».
= القبط الشاعر:
شربت الخمر حتى قيل إني ... أبو قابوس أو عبد المدان
وقال حسان:
كأنك أيها المعطى بياناً ... وجسماً من بني عبد المدان
وبنوه أشراف اليمن، والمدان في الأصل صنم. تمت (شرح المقالات). وفي رواية ابن الأنباري بسنده إلى أبي مخنف: ان بسراً أتي بابني عُبيد الله بن العباس وهما صغيران، فذبحهما، فقالت أمهما عائشة بنت عبد المدان: ها من أحس بابني الذين هما ... إلخ الأبيات. ذكر هذا ابن عبدالبَّر في (الاستيعاب).
وذكر في ترجمة عبدالله بن عبد المدان: قال الطبري: وفد على النبي ÷ في وفد بني الحرث بن كعب فقال له: من أنت؟ قال: أنا عبد الحجر، قال: أنت عبدالله، فأسلم. وكانت ابنته عائشة عند عُبيد الله بن العباس، وهي التي قتل ولديها بسر بن أرطأة. تمت (استيعاب) لابن عبدالبَّر.
(١) الدامغة: هي الرسالة الأولى لفقيه الخارقة والتي رد بها على الإمام، والخارقة رد بها على الشيخ محيي الدين.
(٢) الترجيم من رجَّم: تكلم بالظن.
(٣) الأعقد: الكلب أو الذئب الملتوي الذنب.
(٤) الحمس الشجاع، والبرم الضجر والمغتلم الهائج. انتهى نقلاً عن الأم.