كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[إثبات عصمة أمير المؤمنين (ع)]

صفحة 282 - الجزء 3

  يلاقي عنده الذيب الغراب.

  وأما حكاية ظلمهم له فلا شك أن ذلك قد كان، ولكن أين ذلك من السب، فالسب له ألفاظ معروفة، وليست الشكاية منها، فإن أراد أن يستخرج من معنى الشكاية معنى السب، كانت مناقضة بين اللفظ والمعنى، ولم تكن مناقضة حقيقة؛ لأن المناقضة أن ينفي أحد اللفظين ما يثبته الآخر، أو يثبت ما ينفيه.

  فإن كان ذهب إلى هذا، احترز في لفظه، وقال هو مناقض من جهة المعنى؛ ثم يقع النزاع في معاني اللفظ الوارد في ذلك، فما هذه العجلة، والحكم قبل التبيين؟

[إثبات عصمة أمير المؤمنين (ع)]

  ثم قال: وأما دعوى العصمة لعلي #، فقد ذكرنا في رسالتنا الدامغة من قول علي # ما يؤذن أنه ليس بمعصوم، وقوله أعظم حجة في هذا، وقد احتججنا على ذلك بحجج أخرى، أغفلها هذا الرجل، ولم ينظر فيها».

  فالجواب: أنا لا ننكر أنه يدعي ذلك، وأكثر منه في علي، غير أن الذي وقفنا عليه أمور مجملة، مثل قوله وقضيته مع عبيدة السلماني مشهورة، وقضيته في تحكيم الحكمين معلومة، وقوله يوم الجمل⁣(⁣١):


(١) قال ¦ في التعليق: قد روي أن علياً أُلجيء إلى التحكيم، وأنه عند رفع المصاحف دخلت الشبهة على أصحابه، وأحدق به عشرون ألفاً يحثونه على قبول المحاكمة وهو مطرق، وقد كان وبخهم وبيَّن لهم أنها خدعة، والأشتر يحارب وقد أحس بالظفر بمعاوية فقال لعلي أصحابهُ لتمنعَ الأشتر من المحاربة، أو لنضربنك بأسيافنا، أو نسلمك إلى معاوية، فأرسل إلى الأشتر وقال له: هلمَّ فإن الفتنة قد كانت؛ فأقبل إليهم الأشتر يسبهم ويسبونه، فرضي علي على مضض.

ومن طالع أخبار صفين عرف زائداً على هذا. فكيف يقال: أخطأ، أو أنه يلحقه وصمة والحال هذه؟

وأمَّا الشعر في قتلى الجمل: فالظاهر أنه شكاية من الأسباب التي ألجأته إلى قتل معشره، وكيف يتصور فيه الخطأ وهو مأمور بقتال الناكثين ... إلخ؟! وقد صح عنه أن في قتالهم من الأجر ما لا يقدر، وقال لَمّا كثرت حملاته على الناكثين وقد قال له أصحابه: نحن نكفيك؛ فأقسم لهم أنه لا يريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة. فالقدح في العصمة بمثل هذا كما قيل: ولا عيب فيهم ... إلخ [تمامه:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب]

=