كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[إثبات عصمة أمير المؤمنين (ع)]

صفحة 283 - الجزء 3

  إليكَ أشْكُو عُجَري وبُجَري⁣(⁣١) ... ومَعْشَراً أعْشَوا عليَّ بَصَرِي

  قَتَلْتُ مِنْهُمْ مُضَراً بِمُضَرِي ... شَفَيْتُ نَفْسِي وقَتَلْتُ مَعْشَرِي

  وهذا وأمثاله لا يدل على أنه ليس بمعصوم؛ لأن أقصى ما فيه أنه يشكو إلى


= على أن الرواية في (نهج البلاغة وشرحها): أشكو عجري وبجري، شفيت نفسي من بني عبد مناف، وأفلتني أعيان بني جمح. ولم يذكر فيها: معشراً ... إلخ. وقد قال (كرم الله وجهه) في كتابه إلى عامله بالبصرة: والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وَلَّيْتُ عنها ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها ... إلخ. وقد قال #: وقد أمرني الله بقتال أهل النكث ... إلخ، كما هو في (نهج البلاغة). ورواه في (مجموع زيد بن علي)، وأخرجه الحاكم وغيره عن أبي أيوب. ويأتي ذكر من أخرج حديث علي أمرت بقتال الناكثين ... إلخ، في حاشية الجزء الرابع. قال أبو العباس المبرد في الخوارج: وسبب تسميتهم الحرورية: أن علياً # لَمّا ناظرهم بعد مناظرة ابن عباس إياهم كان فيما قال لهم: ألا تعلمون أن هؤلاء القوم لَمّا رفعوا المصاحف قلت لكم: إن هذه مكيدة وهنٍ؟ إلى قوله #: أفتعلمون أن أحداً كان أكره للتحكيم مني؟ قالوا: صدقت. قال: أتعلمون أنكم استكرهتموني على ذلك حتى أجبتكم إليه فاشترطت أن حكمهما نافذ ما حكما بحكم الله، فمتى خالفاه فأنا وأنتم من ذلك براء، وأنتم تعلمون أن حكم الله لا يعدوني؟ قالوا: اللَّهُمَّ نعم ... إلخ. انتهى، قاله ابن أبي الحديد في (شرح النهج). وقد ذَكر الروايات في أن علياً اضطر إلى التحكيم، وأن من أصحابه زهاء عشرين ألفاً أحدقوا به وتهددوه إن لم يجب إلى الحكومة ليقتلنه أو يسلمونه إلى معاوية؛ حتى قال لهم: كنت أميراً فأصبحت مأموراً ... إلى آخر ما في (شرح النهج)، فراجعه تجد ما يكفي. وقد روى أبو جعفر الطبري في تاريخه نحو هذا ممَّا يفيد أن علياً # استكره على التحكيم. وروى ذلك أبو مخنف، ذكره الطبري في تاريخه. وقد روى الإمام أبو طالب # عن سلمة بن كهيل عن ابن حِجْر بن عدي قال: لَمّا قفل علي من صفين وأكثر كثير من أصحابه والمحكِّمة [المحكمة: هم الخوارج القائلين: لا حكم إلا لله] القول في الحكمين أَمَرَ فنودي بـ: «الصلاة جامعة»، ثم خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيئه ÷ ثم قال: أنشدكم الله؛ أتعلمون أنهم حيث رفعوا المصاحف قلتم: نجيبهم إلى كتاب الله، قلت لكم: إنهم ليسوا بأهل دين ولا قرآن؟ فَسَاقَ إلى قوله: امضوا في سبيلكم على صدقكم وحقكم فإنما رفعوا المصاحف خديعة ومكيدة، فرددتم قولي، وقلتم: لا، بل نقبل منهم، فقلت لكم: اذكروا قولي ومعصيتكم إيَّاي ... إلخ. وقال ابن عباس في كتابه إلى الحسن بن علي #: ولا نقبل خسفاً، فإن علياً # لم يجب إلى الحكومة حتى غلب على أمره. ورواه أبو الحسن المدائني.

(١) عُجَري وبُجَري: يقال: أفضيت إليه بعُجَري وبُجَري: أطلعته على معايبي وأمري كله لثقتي به. تمت (المعجم الوسيط).