كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الفرق بين أهل العدل وأهل الجبر]

صفحة 294 - الجزء 3

  قبل وأوضحناه، ولما بينا في ذلك وقسمناه.

  وقوله [أي محيي الدين]: بخلاف ما ذهب إليه أهل الجبر - فلسنا⁣(⁣١) قائلين بالجبر، ولا ذاهبين إليه، على أن أهل الجبر لا يقولون كما قاله، لكنه لا يجد سبيلاً إلى دفع الحق، إلا أن موه أو كذب؛ فيا للرجال العجب!».

  فالجواب: أن ما حكاه عنا أنا نقول: إن الله ليس بعفو ولا غفور؛ فكلام مستحيل.

  وأما انتقاده لقوله⁣(⁣٢): كلام أهل التوحيد والعدل مشحون بذلك، فقال: «كيف يكون الكلام مشحوناً بالكلام».

  فالجواب: أن كلامهم لما احتوى على ذكر العفو والمغفرة، وعلى التوحيد والعدل، وصدق الوعد والوعيد، والنبوة والإمامة؛ جاز أن يقول: مشحون بذلك؛ لأنه من جملة ذلك وداخل فيه، على أن وصف الكلام بذلك مجاز، سواء علقناه بجنسه، وهو سائر الكلام الذي احتوى عليه وعلى غيره، كما يقال: كلام فلان مشحون بالسب أو اللحن أو المدح أو الذم؛ لما كان من جملته.

  كذلك هذا، وكذلك إذا قيل: كتاب فلان مشحون بذلك؛ فإن العرض لا يشغل الحيز، سواء أضيف إلى جنسه أو محله؛ فما في هذا مما يشتغل به؟ وهو شائع التجوز عن العلماء وأهل اللسان.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة] في قسمته: «هل أراد أنه مشحون بأن الله ليس بعفو ولا غفور؟ وهو الصحيح عندك».

  فالجواب: أن هذا فريةٌ من الفقيه لما قدمنا.

  وقوله [أي فقيه الخارقة]: «أم تريد مشحوناً بكلام الزور والفجور، فهو الصحيح عندنا، فكيف تعيب ذلك بزعمك علينا؟».


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٢) الضمير يعود إلى محيي الدين.