[دعوى الفقيه اختصاص أهل السنة بصحة رواية الأحاديث والرد عليها]
  لا؟ وهل يمكنه أن يختار فعلاً آخر بدلاً منه بتلك القدرة أم لا؟ فإن قال بذلك ترك مذهبه، وعدل إلى الحق، وصح له ما ادعاه من تميزه عن المجبرة الجهمية، وإن لم يقل بذلك نقض قوله: إن له قدرة واختياراً، وصار في دعوى مخالفته لجهم لما لزمه من الجهالات بمثابة من قال: لا يلزمني ما يلزم جهماً لأني طويل وأبيض وعربي؛ فكما أن هذه الأوصاف لا يتعلق بها تمييز أحد المذهبين عن الآخر لأنه لا تعلق لها بالأفعال، كذلك هذه القدرة والاختيار اللَّذَيْن زعم أنه تميز بهما عما يقوله جهم، لئلا يلزمه ما يلزمه، وهذا أمر بين لا يخفى على من له أدنى تحصيل.
  فكيف يحسن بالفقيه أن يقول: إن صاحب الرسالة لما لم يجد حجة يحتج بها، ولا ملجأ يلجأ إليه، لم ير إلا أنه ألزمنا مذهب الجبرية؛ ليجد طريقاً إلى المدافعة والمغالطة؟ وكيف يتصور فيما قدمنا مدافعة أو مغالطة؟!
  بل نقول: إن الفقيه رمانا بدائه، وإنه لما لم يجد للإلزامات التي قُدِّمت جواباً، اشتغل بالمغالطة مثل قوله: هذه مقالة جهم، وبالمدافعة مثل قوله: إن هذا الرجل لما لم يجد حجة يحتج بها.
  وفي ذلك تصحيح لما قدمنا، أن الفقيه هو الذي لم يجد حجة، فعكس القضية، ورمى البريء بدائه، وتنفس بكلام الذي يفزع إلى الله تعالى عند الشدائد، فقال: والله المستعان! إيهاماً منه أنه لم يقع له نصفة ممن كالمه، وهي من جملة تزويقاته، وكيف يستعين بالله على شيء هو تعالى فاعله عنده؟! فكأنه يقول يا الله أعن نفسك، وهذا خلف من الكلام!
[دعوى الفقيه اختصاص أهل السنة بصحة رواية الأحاديث والرد عليها]
  أما قوله: «قال القدري: وأما جوابه عما ذكره الإمام # من صحة روايته الأحاديث، والتعريف بطرق روايتها، بقوله [أي فقيه الخارقة]: فهو مخصوص به أهل السنة، ولا تكاد الشيعة تورد رواية مسندة على ما يشترطه أهل الحديث إلا