كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله ...} الآية]

صفحة 331 - الجزء 3

  ما رامه # من إثبات الإمامة، والاختصاص بالزعامة، وإن لم يعد ذكره.

  وهذا إن صح ما حكاه، ونقله ورواه، وصح أنه لم يسقط من يد الناسخ؛ فهو بين ظاهر في أول الآية، فإن قول الله سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}⁣[المائدة: ٥٥]، لو حمل على الموالاة لم يكن للتخصيص بقوله: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ٥٥}⁣[المائدة] وجه؛ إذ الموالاة ثابتة لمن وصف بهذه الصفة ولمن لم يوصف بها من المؤمنين.

  فلما خص الله تعالى بذكر الولي لمؤتي الزكاة أفاد معنى زائداً، وهو ما أثبته الله تعالى لنفسه ولرسوله ÷، ليصح العطف بالواو لمؤتي الزكاة على ما قبله، فلو كانت الآية واردة في جميع المؤمنين؛ لبطلت فائدة تخصيص إيتاء الزكاة، كما قدمنا.

  ولَئن أفاد أن جميعهم أولياء فمن المولى عليه حينئذ، فكان يكون كأنه قال: إنما وليكم الله ورسوله والمؤمنون وأنتم، أو هم أنتم، وهذا خلف من القول لا يجوز، وذلك لا يصح، فيجب حمل لفظة ولي على المالك للتصرف، كما يقال: هذا ولي اليتيم، وولي المرأة، والمراد به الذي يملك التصرف عليهما في أمور مخصوصة، وهذا هو السابق إلى الأفهام.

  ولوجه آخر: وهو أنا لو حملنا لفظة ولي على جميع المعاني من النصرة والمودة والملك للتصرف، لدخل في ذلك معنى الإمامة وزيادة عليه.

  أما حمله⁣(⁣١) الآية على فضل علي # ومساواة ظاهره وباطنه؛ ففيه إقرار بعصمته؛ إذ ذلك هو معنى العصمة، وهو القطع على مغيبه، وأنه أولى بالإمامة ممن يجوز عليه الخطأ، ولا يقطع على مغيبه.

  وفيه أنه أفضل ممن لم يرد فيه مثل ذلك من كبار الصحابة، فلا ينبغي له أن


(١) الضمير يعود على فقيه الخارقة.