[الفقيه يتبرأ من مذهبه ويثبت خلافه عند الإلزام]
  إنما يلزم المجبرة الذين يعتقدون أن الآدمي لا فعل له أصلاً».
  فالجواب: أنه عند أن يلزم المجبرة ما لا يجدون له مدفعاً إلا بالمعاندة؛ يتبرأ من الجبر، وعند أن يجد أدنى شبهة يتعلق بالجبر، وقد بينا فيما تقدم أن أقواله في هذه المسألة متدافعة، وأنه قد ذكر عشرة مذاهب عن نفسه، فحكينا عنه خمسة متقدمة؛ ثم أضاف إليه خمسة أخر إلى هاهنا، فإن زاد على ذلك ذكرناه له، ووجدوا ما عملوا حاضراً.
  فلو استقام على واحد حسنت مكالمته، وإن كان لا يشعر بما يقع منه من تناقض الأقوال، وقد كررنا ذلك مراراً، وأنه تارة يجعل الأفعال كلها من الله تعالى، ويقول إن من قال بخلاف ذلك فهو كالمجوس، وأخرى يقول إنها من العباد، وإن الجهمية مجبرة، وتارة يقول إن المبتدأ خلق من الله، وكسب للعبد، ويقول إن المتولد خلق من الله، وأخرى يقول إنها فعل لفاعلين، وتارة يقول إن القول بأنها من الله كقول جهم باطل، والقول بأنها من العبد باطل.
  وتارة يقول إنه يأخذ بهذين المذهبين معاً بعد أن قضى ببطلانهما، وتارة يقول إنه يأخذ بالوسط منهما ولا ثالث لهما، وتارة يقول تاهت العقول عن معرفة هذه المسألة، وتارة يقول إن الله خالقها وإن كانت للعبد قدرة واختيار؛ لكنها منوطة بمشيئة الله سبحانه.
  وتارة يقول إن القدرة غير صالحة للضدين، فينفي بذلك الاختيار، إلى غير ذلك من جهالاته وضلالاته التي ما يعلم أن أحداً بلغها لا محق ولا مبطل.
[الفقيه يتبرأ من مذهبه ويثبت خلافه عند الإلزام]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ونحن نثبت للعبد فعلاً وحركة، وقدرة واختياراً على ما بينا».
  فالجواب: أن هذا من جنس ما حكيناه عنه من مذاهبه العشرة! لكنه يقال له على قوله هذا: ما ادعيته فعلاً للعبد هل يمكنه أن يفعله وأن لا يفعله، أو هو