كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الفقيه يتبرأ من مذهبه ويثبت خلافه عند الإلزام]

صفحة 373 - الجزء 3

  يحصل لا محالة؟

  فإن قال بالأول نقلناه إلى ما أخذه من الحركة، هل يمكنه أن يسكن بدل الحركة أم لا؟ فإن قال بالأول نقلناه إلى الاختيار هل الاختيار هو الإرادة، وهي متقدمة على المراد، غير موجبة له أم لا؟

  فإن قال بإثبات جميع ما ذكرنا، كان قائلاً بالحق، وناطقاً بالصدق، وإن قال: الفعل فعله ولا يمكنه أن يتركه، والحركة فعله ولا يمكنه السكون بدلها، والاختيار غير متقدم للفعل، وهو موجب له، فكيف حينئذ يفارق الجهمية، وقد ألزم نفسه ما يلزم الجهمية؟! وظهر أنه تعلق بعبارات ليس لها معنى يصح ليفارق جهماً وليس بمفارق له.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «والعجب أن هذا الرجل يلزم المجبرة والقدرية بزعمه أنا كذلك؛ فلسنا مجبرة ولا قدرية، فصار كذم الكفار للنبي ÷ لتسميتهم مذمماً وهو محمد، كما قال النبي ÷ لأصحابه: «أما تعجبون كيف يصرف الله عني أذى المشركين، يسموني مذمماً وأنا محمد»».

  فالجواب: أن هذا من جنس ما اعتمد عليه، عند الإلزام يتبرأ من مذهبه، وعند أن يظن فرصة يحكي صريح ذلك المذهب، ويزعم أنه يستدل عليه، كما قدمنا حكاية مذاهبه مجموعة.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «على أنا قد ألزمناه أنه القدري يقيناً، والمجبري معنى، فصار كل ذم ولعن ورد على المجبرة والقدرية فهو صائر إليه وعائد عليه».

  فالجواب: أنه ما ألزمنا شيئاً مما قال إلا بالإخبار دون التحقيق، بل ما أورد في ذلك شبهة تحتاج إلى نظر، فضلاً عما يدعيه من إلزام الدلالة، لكنه سلك المعتاد منه من المباهتة.