[حوار حول لفظة (مولى) الواردة في خبر الغدير]
  النزاع، فقوله هذا دليل عليه لو عقل ما قال، فتدبر ما قلت فليس فيه إشكال».
  فالجواب: أنه سلك مسلك من لم يعرف ما أراد بجوابه في لفظة الاشتراك، لأن الجواب له وقع في لفظة أولى، وهي صيغة أفعل، فلما قال: فيلزم أن يكون للكفار منزلة في الجنة أجابه بجوابين، أحدهما: أنه لا يجوز حملها على أن لهم منزلة في الجنة للإجماع على ذلك، فخرجت اللفظة عن بابها بذلك.
  والثاني(١): أنه سلم بقاءها على أصلها، وأن لهم منزلة في الجنة لما فعلوه من الطاعات عقلية كانت أو شرعية على بعد ذلك، لكن أحبطها ما استحقوه بارتكابهم الكفر، فبقيت اللفظة على حقيقتها، وصح تخليدهم في النار، وصح الاحتجاج بالآية أن مولى بمعنى أولى، وأنه أحد حقائقه، فيتم بذلك الاستدلال بالخبر على إمامة علي #.
  فعدل الفقيه بالكلام كله إلى وجه لا تعلق له بما نحن فيه، فقال: إذا كان الاشتراك باقياً في لفظة مولى في حق الكفار، مع الإجماع أنهم مخلدون في النار، فكيف لا يبقى الاشتراك في إمامة علي بعد النبي ÷ وقد وقع فيه النزاع، اللهم إلا أن يريد الفقيه أن لفظة مولى إذا كانت تفيد أنه # أولى منهم.
  فالجواب: أن هذا سؤال على معنى مولى، لا على لفظه، لكنا نجيب عنه بأن ذلك لو أوجب شركة الصحابة، وأن لهم ولاية في ذلك، للزم أن لا يكون الرسول ÷ أولى بالناس من أنفسهم في شيء من أحكام الشرع، ولا فيما يدعوهم إليه من أمور الدين، لأنه ليس لهم في ذلك شركة في إثبات الشرائع، وتصريف الأمة فيها؛ حتى يكون الرسول أولى منهم بما فيه منهما، وكلاهما باطل.
  على أن ذلك لو كان واجباً فليس من حقه أن يقتضي الاشتراك في كل أمر، بل يكفي أن يكون لهم ولاية على أنفسهم في أمر ما، ولا يوجب ذلك الاشتراك في
(١) الثاني هنا هو أيضاً الثاني لقول الإمام السابق وأجابه بوجهين.