كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[إنكار الفقيه للإكراه ودعواه وجوب الهجرة عند عدم الناصر والرد عليها]

صفحة 410 - الجزء 3

  وأما الأنصار وسائر المهاجرين فأصفقوا⁣(⁣١) عليه إلا القليل، وإنما بقي معه # أهل البيت وأنفار قليل، ولذلك تكلم بما تكلم، وسكت عما سكت، ولأنه # قد بين بما بعضه يكفي، ولأنه لو لم يبين اكتفى بعلمهم بالحال؛ لأن من له ولاية أمسك، كما فعل هارون بن عمران وقد بقي معه أكثر ممن بقي مع علي، ومُنْكَرُهُم أكبر من فعل الصحابة، أولئك اتخذوا آلهة من دون الله، وهؤلاء أقاموا إماماً دون علي # لغير دليل شرعي على فعلهم.

  وقد ثبتت عصمته # عن الكبائر، فنقطع على أن ما فعله من تلك الأمور، أو تركه، مختاراً غير مضطر، ولا ممنوع؛ فهو الحق الذي لا يعدل عنه.

  وأما تكرير الفقيه للقهر، والعجز، والضعف، فلا وجه له؛ لأن مثل ذلك وأعظم منه قد جرى على النبي ÷، وعلى من قبله من الأنبياء، من لدن آدم وحواء؛ بل إلى وقتنا هذا، فكيف يلح الفقيه بإلزام ما لا يلزم؛ فإن المحق قد يُغْلَب، والمبطل قد يَغْلِب؛ بل لو جعلت جنبة الحق مع المغلوب لوجدتها أكثر، فما في كلامه هذا مما يلزم، لولا التلبيس على العوام، والمقلدين الطغام.

[إنكار الفقيه للإكراه ودعواه وجوب الهجرة عند عدم الناصر والرد عليها]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ثم إن سلمنا لك أنه أكره؛ فنقول: الإكراه باطل، والبيعة إذاً غير منعقدة، فكان ينبغي له أن يستنجد بقرابته وبني عمه؛ ثم بالمسلمين، ويظهر أنه مظلوم، مغصوب حقه مهضوم، فإن لم ينصره أحد


= وفي لفظ: «والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني».

وفي لفظ: «لا يبلغ الخير أو قال: الإيمان عبد حتى يحبكم لله ولقرابتي».

وأخرج ابن ماجه عن ابن عباس، قال: (كنا نلقى قريشاً وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم، فذكرنا ذلك لرسول الله ÷ فقال: «ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم، والله لايدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني»). انتهى من (نثر الدر المكنون).

ورواه المرشد بالله # والثعلبي عن العباس، ويأتي ذكر ذلك عنهما في حاشية الجزء الرابع.

وقال ÷: «يا معشر بني هاشم؛ والذي بعثني بالحق نبياً لو أخذت بحلقة باب الجنَّة ما بدأت إلا بكم». أخرجه عبدالله بن أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة (٢/ ٦٦٨)] عن علي #.

(١) أصفق القوم على كذا: أطبقوا عليه واجتمعوا.