كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عودة إلى معنى «من كنت مولاه فعلي مولاه»]

صفحة 415 - الجزء 3

  على أنا لو أوجبنا الهجرة - ونعوذ بالله من قائله - فإلى أين تكون؟ ولعله يريد إلى الروم أو الترك؛ فما هذه الغفلة، مع أنا قد ذكرنا في غير موضع: أنهم ما بدلوا شيئاً من الأحكام، وما وقع من خطأ أو تقصير في شيء من ذلك، فكلامه # في تصحيحه مقبول، بل كانوا يفزعون إلى رأيه # وفتاويه، وأنه # ردهم عن بعض ما حكموا به، فرجعوا إلى قوله، وقبلوا وأثنوا عليه، ولعل الفقيه لا يجهل ذلك أو شيئاً منه.

[عودة إلى معنى «من كنت مولاه فعلي مولاه»]

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: إذا احتمل اللفظ معنيين أو معاني لا تنافي بينها؛ وجب الجمع بينها - فمن⁣(⁣١) سلم لك أن المعاني المحتملة لقوله #: «من كنت مولاه فعلي مولاه» لا تنافي بينها، فهذه دعوى، وسنذكر المولى وما يحتمله من المعاني، ونبين ما في ذلك من التناقض والتنافي، بل نقول: إذا احتمل اللفظ معاني مشتركة –ليس هو في أحدها بأظهر من الآخر - لم يخصص بعضها إلا بدليل يدل على أنه المراد».

  فالجواب: أنا قلنا: إذا احتمل اللفظ معاني لا تنافي بينها، فاعترض الفقيه فقال: من سلم لك أن المعاني المحتملة لقوله #: «من كنت مولاه فعلي مولاه» لا تنافي بينها، وهذا اعتراض على غير ما ورد عليه، وكان الاعتراض يصح لو قيل له: إن لفظة (مولى) محتملة لمعاني وجميعها لا يتنافى، لكان له أن يقول: لا نسلم ذلك، لكن الأغلب من حاله أنه يسمع بأذن الرد، فلعله عند ابتداء الكلام يكون عازماً على نفي ما يسمع إثباته، وإثبات ما يسمع نفيه، كيفما كان، قبل النظر والتدبر، والذي وعد بأنه سيبينه، فالصواب البيان للحق على كل مسلم، من ابتداء إفادة، أو رد مبطل عن باطله، بحسب الإمكان.


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.