كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عدم استدلال علي (ع) على عمر حين ولاه أبو بكر]

صفحة 428 - الجزء 3

  وما ذكر بعد هذا إلى أن اعترض على المثال بوقف الدار، فهو مثال قد تقدم الجواب عما فيه منه فائدة، وما لا فائدة فيه - مثل الأذية، والسب، والتهجين، والحكايات المستحيلة، وغير ذلك - فلا يحتاج إلى جواب.

  وأما قوله⁣(⁣١): «ومن سلم لك أنه يصح وقف الدار مع الجهالة، فالمثال وارد بعد تعيينها، ولعلك نسيت أو تناسيت.

  فأقول وبالله التوفيق: أما ما ذكره القدري من أن الخبر لما اشتهر عند الجميع اكتفى به، فليس الأمر كما زعمت، فإنك تقول إنما اشتهر عندهم لفظه، ولم يعرفوا معناه، بل يجب على علي # إظهار العلم، وبذل النصيحة كما قدمنا».

  فالجواب: أن ما ذكره من وجوب بيان معنى النصوص الاستدلالية لا يجب عليه #؛ لأن في بيانها وقوع الأمور المخوفة، ويجري بيانها مجرى قوله: أنا الإمام وأنتم ظلمة، على أنه # قد بين في أيام أبي بكر، وامتنع، وأظهر للخاص والعام أنه أولى بهذا الأمر، وذكر النصوص، وبين الاحتجاج بمعانيها، فلم يرعوِ القوم إلى ذلك، ونفرت عنه قريش إلا القليل، وقال لهم: ما عذركم في التقدم عليّ، والاختصاص بمقامي الذي جعله الله تعالى ورسوله ÷ لي؟ وأما في أيام عمر فلم يبق له إلى ذلك طريق بوجه من الوجوه؛ فإذا كان يسعه # السكوت عن النكير على الجملة؛ كيف لا يسعه السكوت عما لو أظهره لاتصلت به أمور: من كسر قناة الإسلام لا يقوم مقامها سواها.

  على أن أموره # في جميع ذلك مبنية على العلم، وشرائط الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر معروفة له #، بل لمن دونه، ولم تكمل، وما لم تكمل لم يكمل الوجوب، وقد كررنا ذلك في رسالتنا هذه.

  وعلى أن ما قاله الفقيه من وجوب بيان معاني الأخبار المحتملة للمراد


(١) هذا قول فقيه الخارقة في رسالته الدامغة.