كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عدم استدلال علي (ع) على عمر حين ولاه أبو بكر]

صفحة 429 - الجزء 3

  وغيره؛ لو لزم للزم بيان متشابه القرآن الكريم، لأنه يحتمل معاني وليس المراد جميعها، بل المراد البعض، والمراد أيضاً غير ما تعلقت به الألفاظ، كما نقول في المجاز بالزيادة، والنقصان، وبالتشبيه، وما شاكل ذلك.

  فكيف يوجب الفقيه ما لا يجب؟ بل نقول: كان الواجب عليهم النظر في الأدلة⁣(⁣١) المحتملة للمراد، كما يجب النظر في معرفة المراد من متشابه القرآن الكريم.

  والجامع بينهما أن الحكمة اقتضت معرفة المراد من الخطابين معاً من وجه خفي، كما اقتضت معرفة المراد من الخطابين معاً في خطاب آخر من وجه جلي، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ٣ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ٤}⁣[النجم].

  ثم قال: «وقوله [أي محيي الدين]: وعلى أن الأمر في أيام عمر كان أشد توقياً.

  فنقول: ليس لك في هذا فرج، إن علياً # ممن لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد قال النبي ÷ في الحديث المشهور الذي رواه أبو سعيد الخدري: «لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول بالحق إذا رآه أو سمعه»».

  فالجواب: أن الفقيه ذهب إلى خشية مضار الدنيا، وعلي # خشي وهن الدين، فأين أحدهما من الآخر⁣(⁣٢)؟


(١) قال ¦ في التعليق: هذا إنما يصح في حقّ المتأخّر لتراخيه وعدم مشاهدته، سيما إذا لم يكن يعرف تراكيب الكلام، ووجوه دلالات الخطاب إلا بمقدمات.

وأمَّا في حق الصحابة، فلعمر الله إنه لا يصح هذا الكلام، من كون النص خفياً، وأنه يحتاج إلى استدلال، مع مشاهدتهم وعرفان المراد بسليقتهم، ومشاهدتهم للقرائن الدالة على ما لعلَّه يخفى على غيرهم، سيما والأدلة تتواتر إليهم أيام النبي ÷ شيئاً فشيئاً، فالتأويل بمثل هذا أو الإستناد إليه لا أرضاه للإمام لما فيه من الإيهام، وإن كان لعلَّه عنده غير المرام، وإنما هو مجاراة لأهل الخصام. تمت كاتبها |.

(٢) قال ¦ في التعليق: ولذا قال: (لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، وأن يعود الكفر ويبور الدين، لكنا لهم على غير ما كنا). وقال: (بايع الناس أبا بكر فسمعت مخافة أن يرجع الناس كفاراً)، وقال: (فطفقت أرتئي بين أن أصول [بيدٍ جذاء أو أصبر على طخية عمياء] إلى قوله: فرأيت أن الصبر [على هاتا] أحجى). وقال: (لو أن لي أربعين ذوي عزم). رواه نصر بن مزاحم، وغير ذلك من الأخبار القاضية بأنه ترك الجهاد لهم لخوف وهن الدين ولعدم الناصر. ولذا قال لأبي سفيان لَمّا حرضه على =