[دعوى الفقيه عدم معرفة الإمام بأصول الفقه والرد عليها وبيان الحشوية]
  الإصدار والإيراد.
  وكان ذلك يغنيك عن التعجيز بقسمة أصول الفقه، التي لم تحص عددها جملة، فضلاً عن معرفة معانيها تفصيلاً، وكان ذلك أولى بك من تسمية الإمام حشوياً، مع تفسيرك الحشوي بمن يحشو نفسه مع أهل النظر وليس منهم، وهو تفسير ما سبقك إليه أحد من أهل العلم بما يصح أن يكون عن الله وعن رسوله ÷، وما يستحيل أن يضاف إليهما مما يخالف الكتاب ومتواتر السنة؛ بل الحشوي هو من يجمع بين الأخبار ما اختلف من دون نظر ولا تمييز، وكذلك من الاعتقادات في التوحيد والتشبيه، والمتفق والمختلف؛ فإذا مر به ما فيه فحش، أو مخالفة لشيء من الأصول، من خبر أو رواية قال: أَمَرُّها كما جاءت.
  وحكى القاضي عماد الدين في المقالات: من رجال الحشوية أحمد بن حنبل(١)، والكرابيسي(٢)، وأحمد بن نصر(٣)، وإسحاق بن راهويه(٤)، وداود الأصفهاني(٥)، وهم يسلمون ذلك أيضاً، ولو اشتغلنا بحكاية مذاهب الحشوية في التجسيم والتشبيه لسئم العاقل منها.
  فأقول وبالله التوفيق: أما قوله [أي محيي الدين]: إن الكلام المجمل باحتماله المعاني لا يخرجه من أن يكون موصلاً إلى العلم بالتدريج بدرجة أو درجات، كما
(١) أحمد بن حنبل: هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني أبو عبدالله، عده ابن حميد وغيره من أصحابنا من رجال الشيعة وملأ كتبه بفضائل الآل وهو القائل: ما في أحد من الصحابة ما في علي # من الأحاديث الحسان، أو نحو ذلك. توفي في ربيع سنة (٢٤١ هـ).
قلت: وكان كثير من العلماء ينسبون إليه القول بالحشو وله مع المأمون والمعتصم أحوال في مسألة خلق القرآن. تمت من الجداول (خ).
(٢) الكرابيسي: أبو علي الحسين بن علي بن يزيد البغدادي، توفي سنة (٢٦٠ هـ).
(٣) أحمد بن نصر: أبو عبدالله أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي المروزي ثم البغدادي.
(٤) إسحاق بن راهويه: إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبدالله أبو يعقوب، توفي سنة (٢٢٦ هـ).
(٥) داود الأصفهاني: داود بن علي بن خلف أبو سليمان البغدادي رئيس أهل الظاهر ولد سنة (٢٠٠) ومات سنة (٢٧٠ هـ).