[دعوى الفقيه عدم معرفة الإمام بأصول الفقه والرد عليها وبيان الحشوية]
  نقول في متشابه القرآن الكريم، فلم(١) يقل هذا القول أحد، ولا يخفى هذا على من له أدنى مسكة».
  فالجواب: أن قوله: لم يقل به أحد قول باطل إلا أن يريد من أهل مقالته، ثم ما يقول في قول الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣]، فكان قوله: آتوا الزكاة مجملاً، فبينه الرسول ÷ بقوله: «فيما سقت السماء العشر، وفي الوَرِق ربع العشر» وما شابه ذلك من أحكام الأنصبا والأنواع.
  أليس هذا اللفظ مجملاً من حيث لم يعلم ما الحق فيه وما شرطه وكم الواجب منه؟ وأنت إذا بينت ذلك بالسنة الشريفة كقوله ÷: «فيما سقت السماء العشر، وفي الوَرِق ربع العشر» وكقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} وهم لا يعرفون الصلاة إلا الدعاء، والزكاة إلا الطهارة والنماء، فبينه الرسول ÷.
  فمتى قلت: لا زكاة في المكيل حتى يبلغ خمسة أوسق، ومتى عرفت بالسنة أن الواجب في بعض المكيلات العشر، وفي بعضها نصف العشر، وأن كلام الرسول ÷ حجة يقع به بيان المجمل، لأنه رسول حكيم لا يرسل من يخبر بالكذب، لأن تصديق الكاذب كذب، والكذب قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح.
  فقد عرفت المجمل وبيانه، فقد أريناك صورة المجمل، وهو ما يعرف به الشيء على وجه الجملة، وأريناه المفصل، وهو ما يعرف به الوجوب على وجه التفصيل، وأريناه شرط الوجوب، وكميته، ووقت وجوبه، وذكر تفصيل ذلك يطول، ومن جملته شروط الوجوب، وشروط الأداء، وهل يتفق في الجميع أو يختلف.
  وكذلك معنى كل واحد من هذه الألفاظ، وفائدته، وما ينبني على ذلك من الأحكام، وكذلك معرفة اختلاف العلماء فيما فيه خلاف من ذلك، وتعلق كل فريق بما يتعلق به، وما به يقع ترجيح قول على قول، وبيان الأولى في ذلك،
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.