[شبه للفقيه لإبطال حديث المنزلة، والرد عليها]
  ولاية من ولاه النبي ÷ في بعض الأوقات وبعض الأحوال أولى وأحرى، ومع هذا فإن النبي ÷ لما عاد إلى المدينة زال استخلاف علي # بالاتفاق، فإذا كان قد زال في حال الحياة فكيف يقاس ثبوت ما بعد الموت على ما قد زال في الحياة وبطل».
  فالجواب: أما قوله [أي فقيه الخارقة]: إن هذا الرجل قد ادعى دعاوي طويلة، ومثّل أمثلة كثيرة، فلم يأت على دعواه ببيان، ولا جاء على صحة أمثلته ومطابقتها لما هو بصدده ببرهان - فالجواب: أنها ما مرت دعوى إلا ومعها دليلها، ولا ذكرنا مثالاً إلا مطابقاً لما مثل به من الوجه المقصود به، ولعل ذلك دق عن جليل فهم الفقيه، فعاب غير معيب، ورمى بسهم غير مصيب.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وسنوضح ما قلنا بعون الله تعالى حتى يراه من نظره كالعيان، فنقول: أما قوله [أي محيي الدين]: لو سلمنا لك هذا السبب في الخبر ... إلى قوله: ما يدل على رئاسته على الخاص والعام، وقوله: لا اعتبار بالسبب مع اللفظ، وقوله: لا تنافي بينهما؛ فدعوى(١) غير صحيحة، لأن هذا حكم في حال الحياة، وهذا حكم بعد الموت».
  فالجواب: أن الخبر إنما دل على كون أمير المؤمنين مشاركاً لهارون # في استحقاق هذه المنزلة لأن تشبيه النبي ÷ بينهما إنما يقتضي هذا القدر، فلا يوجب إذا كان مشاركاً له في مدة استحقاقه؛ حتى إذا خرج هارون # عن كونه مستحقاً لها بأمر طارٍ عليه وهو الموت، ولم يطر مثله على أمير المؤمنين # في حال حياة النبي ÷ أن يشاركه في خروجه مع كونه مستحقاً لها.
  ألا ترى أن إماماً من الأئمة لو نص على إمام آخر فقال: هذا خليفتي، وولي عهدي، ثم مات المستَخْلَف قبله، فقال لآخر: قد استخلفت هذا كما كنت قد
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.