كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى وجود من هو أفضل من هارون في زمنه]

صفحة 459 - الجزء 3

  استخلفت ذلك؛ لم يوجب هذا أن لا يلي هذا الثاني من بعده كما لم يل الأول لتقدم موته.

  وكذلك لو استخلف واحداً فتولى خلافته عشر سنين ثم مات، واستخلف آخر وبيّن استخلافه إياه بأن قال: قد استخلفت هذا كما كنت استخلفت ذلك لم يوجب أن تكون خلافة الثاني عشر سنين فقط كخلافة الأول.

  وإذا كان هذا هكذا ثبت ما قلناه: إن الذي دل عليه الخبر إنما هو مشاركة أمير المؤمنين لهارون @ في استحقاق المنزلة فقط، وأنه لا يتضمن مدة الاستخلاف والاستحقاق، ولا يدل عليها على وجه من الوجوه، وما ذكرنا هاهنا يأتي على ما احتوى عليه كلام الفقيه إلى قوله: قد زال في الحياة وبطل فليتدبره.

[دعوى وجود من هو أفضل من هارون في زمنه]

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: ما يدل على رئاسته على الخاص والعام، قياساً⁣(⁣١) على هارون فقد بينا أن ذلك باطل، وبينا أنه كان في زمن هارون من هو أفضل منه، كشعيب وخضر الذي أمر موسى باتباعه».

  فالجواب: أنا إذا قصرنا الدلالة على تشبيهه بهارون # كفى في باب ملك التصرف في الأمة، من غير نظر هل كان في زمانه نبي آخر أم لا، وهل كان أفضل منه أم لا، سيما وقد ثبت أن ملك التصرف في الرعية الذي هو معنى الإمامة لا يدخل في النبوة؛ لأن كل واحد منهما منفصل عن الآخر، على ما يأتي بيانه عند الحاجة إليه إن شاء الله تعالى.

  وقوله: إن شعيباً أفضل أو أن الخضر أفضل، جهل منه وقطع بغير دليل، لأن هذا لا يعلم إلا من قبل الله ø، لأنه العالم بمقادير الثواب، وأما الخضر فلا شك في زيادة علمه، ولا يمتنع كون موسى أفضل منه، فقد علم آدم # ما لم تعلمه الملائكة، ولم يدل على فضله عليهم، ولكنه ما خطر ببال الفقيه عده علماً.


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.