[دعوى الفقيه أن اللفظ إذا ورد على سبب لم يجز أن يخرج السبب منه والرد عليها]
  ما أتى، فالمؤثر هو ما أوجب الحكم دون غيره، وموجبه هو اللفظ الشرعي من الشارع # وليس بمجرد قوله: إن خصمه لا علم عنده يحصل له مرامه، لأن كل إنسان يقدر على مثل قوله وأضعافه، فكان لا يفرق بين العالم والجاهل.
  وأما تمثيله بالجماع في شهر رمضان فما زاد ما قلناه إلا كشفاً وبياناً، لأن السبب لو كان هو الموجب للحكم لما جاز فيه تقدير الإختلاف، فقد علمنا أنه كان يجوز أن لا يلزم المجامع في شهر رمضان عتق رقبة بأن لا تتعلق به المصلحة، فيقول له النبي ÷ لا يلزمك شيء، كما قال للمقبِّل، فالحجة هو اللفظ الشرعي، وهو الموجب للحكم، وخروجه عقيب السبب لا تأثير له في الحكم، لأن الحكم يحصل باللفظ، واللفظ إنما يقع لمطابقة المصلحة لولا ذلك لما حسن الخطاب له.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «إذا ورد على سبب لم يجز تأخير البيان عن وقت الحاجة» - فهذا(١) لا يستقيم على مذهبه، لأن مذهبه أن قبح القبيح يكون بالفاعلين، والخطاب ممن هو أعلى رتبة، إلى ما شاكل ذلك من جهالاته التي قد بينا بطلانها.
  ولأن قوله: تأخير البيان عن وقت الحاجة خارج عن الكلام، هل الموجب الخطاب أو السبب، ولأنه متى اعتقد حصول البيان فيما بعد جاز تأخيره عن وقت الخطاب، ووقت الحاجة لا يعلمه إلا الله سبحانه، لأنه الوقت الذي يعلم الباري سبحانه أن المكلف يكون عند الخطاب بفعل بعض الأمور أو تركه أقرب إلى فعل الواجب العقلي، أو ترك القبيح العقلي، وهو لا يذهب إلى هذا، ولكن سمع الناس يتكلمون، أو رآه مسطوراً، فأورده في الكلام ليعد من أهله، فأكسبه ذلك كدوحاً وفضوحاً.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «لا يتعدى حكم المجامع إلى غيره من المفطرين» -
(١) بداية جواب الإمام #.