كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان أن هارون لو بقي حيا بعد موسى لكان الخليفة]

صفحة 476 - الجزء 3

  فالجواب: أن الفقيه حكى غير ما سمع؛ لأن الغرض هو إجماع من قال بالاستدلال بالخبر لأجل عمومه، فعدل عما سمع، وادعى أن القائل بذلك أجهل الجهال، وهو لا يصدق في هذا الوصف حتى يحصي الجهال، ويحصي جميع مقالاتهم التي جهلوا فيها، ويعرف أن هذا القائل أجهل من جماعتهم، فإن لم يكن له طريق إلى ذلك فقد حكم بغير طريق، وجهل بصيغة أفعل بغير علم، وكذب في ذلك، ولحقه حكم⁣(⁣١) الكاذبين في الكتاب المبين.

[بيان أن هارون لو بقي حياً بعد موسى لكان الخليفة]

  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: «وأعجب من تقحمه هذا كذبه وقوله [أي محيي الدين]: إن الأمة مجمعة على أن هارون لو بقي بعد موسى لكان أولى الخلق بالتصرف؛ فنقول⁣(⁣٢): من أين حصل لك هذا أقلت هذا بعلم أو بجهل؟

  فإن كان بجهل فلا كلام، وإن كان بعلم؛ فنقول: أعلمته بدليل عقلي أو سمعي؟ فإن قلت: بدليل عقلي؛ فلا مجال للعقل في هذا أبداً، وإن قلت بدليل سمعي فأظهره لنا ولن تجد ذلك أبداً، وكيف تجمع الأمة على علم الغيب وكيف يتصور هذا الإجماع على أمر لم يوجد، مع أن العقل قاطع بكذبك وتقحمك.

  وعلى أنه يجوز أن يترك موسى هارون ويستخلف غيره، ويجوز أن يبعث الله نبياً بعد موسى، ويكون ذلك النبي مقدماً على هارون في الفضل والولاية كتقدم موسى، ويكون خليفة لموسى دون هارون.

  على أن هارون كان إماماً مفترض الطاعة في حياة موسى، ولم تكن هذه المنزلة لعلي # بل إنما استخلفه أياماً معدودة؛ ثم زال حكمها فاعتبروا يا أولي الأبصار».

  والجواب: أن من يدعي الإجماع يقول فيه: لا خلاف في أن هارون لو بقي


(١) يعني من اللعنة. تمت تخريج.

(٢) بداية كلام فقيه الخارقة.