[شبهة أن هارون كان إماما مفترض الطاعة في حياة موسى بخلاف علي، والرد عليها]
  بهارون من حيث الاستخلاف على المدينة واعتقاده انقطاعه؛ على أنا متى اعتمدنا في صحة دلالة إجماع الأمة على الآية، لم نعتبر بخلاف الفقيه وأمثاله لأنه لا يخرق الإجماع إلا من كان من أهله فيعتبر بقوله في النقض والإبرام.
  وظهر للفقيه أن دلالتنا هذه مركبة من العقل، لأنها تنتهي بالتدريج إليه، ومن السمع من حيث أن مقصود الكلام هو مسألة الإمامة، وهي شرعية، ومن حيث كان الدليل على المسألة قول النبي ÷ وهو لفظ شرعي.
  ولم نحتج إلى جواب ما قسمه في سؤاله من الطرق، وقد دخل تحت ما ذكرنا جواب قوله: ويجوز أن يبعث الله نبياً آخر بعد موت موسى مقدماً على هارون في الفضل، لأن ذلك إما أن يكون فيه عزل هارون فقد قدمنا أن ذلك لا يجوز؛ لأنه يقدح في حكمته تعالى، ويقدح في حال الأنبياء الثلاثة $، وذلك لا يجوز.
  وإما أن يبقى له التصرف على الأمة: فالإجماع(١) منعقد على أنه لا يجوز ثبوت إمامين نافذي التصرف في وقت واحد؛ لأنه يؤدي إلى جواز تكليف ما ليس في الوسع؛ لأن في الإمكان جواز اختلاف اجتهادهما ودعاء كل واحد منهما إلى العمل بمقتضى رأيه وكل ذلك باطل.
[شبهة أن هارون كان إماماً مفترض الطاعة في حياة موسى بخلاف علي، والرد عليها]
  وأما قوله: «على أن هارون كان إماماً مفترض الطاعة في حياة موسى، ولم تكن هذه الرتبة لعلي #؛ بل إنما استخلفه أياماً معدودة، ثم زال حكمها، فاعتبروا يا أولي الأبصار».
  فالجواب عن ذلك: أن الإمامة لا تجوز في الوقت الواحد لأكثر من شخص واحد، ولم يكن في وقت موسى # التصرف بأعمال الإمامة إلا له، ولهذا لما ذهب موسى إلى ربه استخلفه، فلو كان لهارون # تصرف؛ لكان يفعل لا على
(١) قف على حكاية الإجماع على أنه لا يجوز إمامان في وقت واحد ومكان واحد والدليل على ذلك.