[جعل الفقيه تقديم أبي بكر وعمر لحمل الراية يوم خيبر دليل تقدم إمامتهما]
[تكرار الفقيه زوال الاستخلاف بعود المستخلِف]
  وأما ما كرره من أنه استخلفه على المدينة، كما استخلف غيره عليها أياماً معدودة لأجل غيبته، ثم زالت بحضوره.
  فالجواب: ما قدمناه مكرراً أنا لم نقصد بالاستدلال سبب الاستخلاف، بل راعينا اللفظ وتتبعنا حقيقته، وهو قوله ÷: «إلا أنه لا نبي بعدي» وحملنا لفظة (بعدي) على حقيقتها، ولم نحملها على المجاز من قوله: بعد نبوتي وما جانسه، ولم يقع مثل هذا القول لأحد ممن استخلفه على المدينة، ولا من ولاه الأعمال، كما يعلم ذلك رواة الأخبار.
  وعلى أنا قد ذكرنا أن الخبر ورد مطلقاً في مواضع سوى ما ذكر من سبب الاستخلاف على المدينة، وعلى أنا قد بينا أيضاً أن الاستخلاف المطلق لا يفيد التخصيص بوقت دون وقت، مهما لم يقل بما يوجبه ويقتضيه، وكل هذه الوجوه قد سبقت مستوفاة، ولكن صار يورد الشيء مراراً والغرض واحد، فاحتيج إلى إعادة جوابه، وصار أيضاً يحمل الشيء على غير وجهه، ثم يقول: إن مورده قد غلط، والغلط كان من نظره الفاسد.
  فَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلاً صَحِيْحاً ... وآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السَّقِيْمِ
  ولكنْ تَأْخُذُ الآذَانُ مِنْهُ ... على قَدْرِ القَرَائِحِ والعُلُوم
[جعل الفقيه تقديم أبي بكر وعمر لحمل الراية يوم خيبر دليل تقدم إمامتهما]
  ثم قال: «قال القدري [أي محيي الدين]: ثم حكى بعد ذلك عن الإمام # حديث المباهلة، وحديث خيبر، واحتج(١) بتقديم إعطاء الراية أبا بكر وعمر قبل علي # على تقدمهما في الإمامة، وذلك بعيد جداً عن التحصيل، وأين التعلق بين الأمرين؟ ولئن تتبعنا معاني الخبر لأمكن أن نستدل به على استحقاق
(١) أي فقيه الخارقة.